وذلك غير ما نحن فيه من اعدام ما يوجب الاضلال . 3 - قوله تعالى : واجتنبوا قول الزور [1] . وفيه : أن قول الزور قد فسر بالكذب [2] ، وسيأتي في مبحث حرمة الغناء تفسير قول الزور بالغناء في جملة من الروايات ، ولا منافاة بين التفسيرين ، فإن كلا منهما لبيان المصداق ، وقد ذكرنا في مبحث التفسير أن القرآن لا يختص بطائفة ولا بمصداق ، وإلا لنفد بنفاد تلك الطائفة وانعدم ذلك المصداق ، بل القرآن يجري مجرى الشمس والقمر ، كما في عدة من الروايات . وقد ذكرنا جملة منها في مقدمات التفسير ، وجمعها في مشكاة الأنوار المعروف بمقدمة تفسير البرهان ، وكيف كان ، فالآية غريبة عما نحن فيه . لا يقال : إن الآية تدل على اعدام كتب الضلال لكونها من أظهر مصاديق الكذب بل هي كذب على الله ورسوله . فإنه يقال : غاية ما يستفاد من الآية وجوب الاجتناب عن التكلم بالكذب ، وأما اعدامه فلا ، وإلا لوجب اعدام جميع ما فيه كذب كأكثر التواريخ ونحوها ، ولم يلتزم به أحد من المحصلين فضلا عن الفقهاء . 4 - أن جملة من فقرات رواية تحف العقول تدل على حرمة حفظ كتب الضلال ، منها قوله ( عليه السلام ) : إنما حرم الله الصناعة التي يجئ منها الفساد محضا ، بدعوى أن مفهوم الحصر يقتضي حرمة الصناعة المحرمة بجميع منافعها ، ومنها الحفظ .
[1] الحج : 30 . [2] في تفسير التبيان : واجتنبوا قول الزور يعني الكذب ، وروي أصحابنا أنه يدخل فيه الغناء وسائر الأقوال الملهية ( التبيان 2 : 304 ) .