فتشمل حفظ كتب الضلال أيضا [1] . وفيه أولا : أن المذموم في ظاهر الآية هو اشتراء لهو الحديث للاضلال ، ومن الواضح أن هذا المعنى أجنبي عن حفظ كتب الضلال لعدم العلم بترتب الغاية المحرمة عليه ، غاية الأمر احتمال ترتب الاضلال على الحفظ . وثانيا : أنا إذا سلمنا ذلك ، فالمستفاد من الآية حرمة اشتراء كتب الضلال ولا دلالة فيها على حرمة ابقائها وحفظها بعد الشراء ، كما أن التصوير حرام وأما اقتناؤه فليس بحرام ، والزناء حرام وتربية أولاد الزناء ليس بحرام ، وقد تقدم ذلك في البحث عن جواز اقتناء الصور المحرمة . وثالثا : أنه قيل إن الآية قد نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة [2] ، فإنه كان يشتري كتبا فيها أحاديث الفرس من حديث رستم واسفنديار ، وكان يلهى الناس بذلك ويظرف به ليصدهم عن سماع القرآن وتدبر ما فيه ، نظير الجرائد المعروفة في هذا الزمان ، فإنها مشتملة على الأمور اللاهية التي تصد الناس عن الحق . ورابعا : ما ذكره المحقق الإيرواني [3] ، من أن المراد من الاشتراء هو التعاطي ، وهو كناية عن التحدث به ، وهذا داخل في الاضلال عن سبيل الله بسبب التحدث بلهو الحديث ، ولا اشكال في حرمة الاضلال ،
[1] في تفسير التبيان : ومن الناس من يشتري لهو الحديث أي يستبدل لهو الحديث ، قيل في معناه قولان : أحدهما أن يشتري كتابا فيه لهو الحديث ، الثاني أنه يشتري لهو الحديث عن الحديث ( التبيان 2 : 429 ) . [2] راجع الموضع المزبور من التبيان . [3] حاشية المكاسب للمحقق الإيرواني : 25 .