وفيه : أن كلمة البأس ظاهرة في المنع ما لم يثبت الترخيص من القرائن الحالية أو المقالية ، كما أن مقابلها ، أعني كلمة لا بأس ظاهر في الجواز المطلق . فالانصاف أنها ظاهرة في التحريم إلا أنها معارضة بما دل على جواز اقتناء الصور [1] ، فلا بد من حملها على الكراهة كغيرها من الأخبار
[1] عن الحلبي قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ربما قمت فأصلي وبين يدي الوسادة ، وفيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا ( التهذيب 2 : 226 ، عنه الوسائل 5 : 170 ) ، صحيحة . وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لا بأس أن تصلي على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك ( التهذيب 2 : 363 ، عنه الوسائل 4 : 439 ) ، صحيحة . وعنه قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الرجل يصلي وفي ثوبه دراهم فيها تماثيل ، فقال : لا بأس بذلك ( التهذيب 2 : 363 ، عنه الوسائل 4 : 439 ) ، صحيحة . وعن حماد بن عثمان قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الدراهم السود فيها التماثيل أيصلي الرجل وهي معه ؟ فقال : لا بأس بذلك إذا كانت مواراة ( التهذيب 2 : 364 ، عنه الوسائل 4 : 439 ) ، صحيحة . وأخرجها في الكافي ولكن لم يذكر كلمة بذلك ( الكافي 3 : 402 ، عنه الوسائل 4 : 439 ) . وتدل على ذلك رواية ليث المرادي ولكنها ضعيفة السند لمحمد بن سنان ( التهذيب 2 : 363 ، عنه الوسائل 4 : 439 ) . عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : سألته عن التمثال تكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلي ، قال : إن كان بعين واحدة فلا بأس ، وإن كان له عينان فلا ( الكافي 2 : 392 ، التهذيب 2 : 363 ، عنهما الوسائل 4 : 438 ) ، مرسلة . أقول : قد اشتهر بين الأصحاب قديما وحديثا أن مرسلات ابن أبي عمير من الأمارات المعتبرة التي يجب العمل بها كسائر الأمارات المعتبرة ، ولكن يرد عليه أولا : أنا نرى بالعيان ونشاهد بالوجدان أن في مسندات ابن أبي عمير رجال ضعفاء ، كما يتضح ذلك جليا لمن يلاحظ أصول الحديث وكتب الرجال فنستكشف من ذلك أن مرسلاته أيضا على هذا النهج ، ودعوى أنه لم يرسل إلا عن الثقة دعوى جزافية ، إذ لم يثبت لنا ذلك من العقل والنقل . وثانيا : لو سلمنا أنه لم يرسل إلا عن الثقة ، ولكن ثبوت الصحة عنده لا يوجب ثبوتها عندنا لاحتمال اكتفائه في تصحيح الرواية بما لا نكتفي به نحن ، ولعلنا نعتبر شيئا في رواة الحديث لم يعتبره ابن أبي عمير في هؤلاء ، ولا يقاس ذلك بتوثيق النجاشي وأمثاله وهو واضح . عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال له رجل : رحمك الله ما هذه التماثيل التي أراها في بيوتكم ، فقال : هذا للنساء أو بيوت النساء ( المحاسن : 621 ، عنه الوسائل 5 : 309 ) ، صحيحة . وفي رواية جعفر بن بشير : كانت لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) وسائد وأنماط فيها تماثيل يجلس عليها ( الكافي 6 : 577 ، عنه الوسائل 5 : 309 ) ، مرسلة . إلى غير ذلك من الروايات المذكورة في الأبواب المزبورة وغيرها .