وفي التذكرة [1] : لا بأس ببيع الهر عند علمائنا ، وبه قال ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحماد والثوري ومالك والشافعي [2] وإسحاق وأصحاب الرأي . والعجب من المصنف حيث منع عن بيع القرد لكون المصلحة المقصودة منه أعني حفظ المتاع نادرة بخلاف الهرة ، لورود غير واحد من الروايات على جواز بيعها ، ووجه العجب أن منافع القرد المحللة ليست بنادرة ، بل هي من مهمات المنافع ، وإنما الوجه في المنع عن بيع القرد هو الروايات التي تقدمت في بيع المسوخ . قوله : ولو فرض الشك في صدق المال على مثل هذه الأشياء المستلزم للشك في صدق البيع . أقول : العلم بعدم صدق المال على شئ لا يمنع عن وقوع البيع عليه فضلا عن الشك في صدقه عليه ، وإذن فلا وجه لرفع اليد عن عموم ما دل على صحة البيع والتمسك بعمومات التجارة والصلح والعقود والهبة المعوضة وغيرها كما صنعه المصنف . قوله : لأن ظاهر تحريمها عليهم تحريم أكلها أو سائر منافعها المتعارفة .
[1] التذكرة 1 : 464 . [2] في فقه المذاهب عن الحنفية : يصح بيع الحيوانات بأجمعها سوي الخنزير ، وعن الحنابلة أنه هل يصح بيع الهر خلاف ، والمختار أنه لا يجوز ( فقه المذاهب 2 : 232 ) . أقول : الظاهر أن القائلين بحرمة بيع الهر قد استندوا إلى جملة من الأحاديث المروية عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أخرجها البيهقي في سننه : منها ما عن جابر قال : نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن ثمن الكلب والسنور . ومنها ما عن عبد الرزاق بإسناده عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : نهى عن ثمن الهر . ومنها ما عن جابر أيضا : نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن أكل الهر وأكل ثمنه ( راجع سنن البيهقي 6 : 11 ) .