تمحضت للصلاح أو الفساد ، أو تساوت فيها الجهتان ، أو غلبت إحداهما على الأخرى ، فيحكم بصحة بيعها أو فساده حسب ما اقتضته تلك الجهة التعليلية المكنونة فيها . وأما الأشياء التي لها نفع محلل نادر فخارجة عن حدود الرواية ، إذ ليس فيها تعرض لذلك بوجه ، لا من حيث صحة البيع ولا من حيث فساده ، وعليه فلا مانع من صحة المعاملة عليها للعمومات . على أنها لو تمت فإنما تدل على فساد بيع ما لا نفع فيه لخسته لكونه مما يجئ منه الفساد محضا ، ولا تشمل ما لا نفع فيه لقلته كحبة من الحنطة ، إذ ليست فيه جهة فساد أصلا . ومع الاغضاء عن جميع ما ذكرناه فهي مختصة بالحرمة التكليفية على ما تقدم في أول الكتاب ، فلا تشمل الحرمة الوضعية ، ويضاف إلى ما ذكرناه كله أنها ضعيفة السند فلا يصح الاستدلال بها . 5 - دعوى غير واحد من الأعاظم الاجماع على ذلك . وفيه : أن المحصل منه غير حاصل والمنقول منه ليس بحجة ، على أنا لا نطمئن بوجود الاجماع التعبدي الكاشف عن الحجة المعتبرة ، لاحتمال استناد المجمعين إلى الوجوه المذكورة في المسألة . وربما يؤيد القول بالجواز بصحيحة محمد بن مسلم [1] الصريحة في جواز بيع الهر ، مع أنه مما لا نفع فيه ، بل كثيرا ما يضر الناس .
[1] محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ثمن الكلب إلى لا يصيد سحت ، ثم قال : ولا بأس يثمن الهر ( التهذيب 6 : 356 ، عنه الوسائل 17 : 119 ) موثقة . عن علي ( عليه السلام ) أنه رأى رجلا يحمل هرة ، فقال : ما تصنع ، قال : أبيعها فلا حاجة لي بها ، قال : تصدق بثمنها ( دعائم الاسلام 2 : 20 ، عنه المستدرك 13 : 90 ) ، مرسلة .