قوله : وتوهم أن البيع حرام على كل أحد فلا يسوغ لهذا الشخص فعله ، معتذرا بأنه لو تركه لفعله غيره . أقول : محصل الاشكال ما ذكره المحقق الإيرواني ، من أن النهي عن الطبيعة ينحل إلى نواهي متعددة حسب تعدد أفراد تلك الطبيعة على سبيل العموم الاستغراقي ، فكان كل فرد تحت نهي مستقل ، وعلى هذا فترك بيع فرد من العنب دفع لتخمير هذا الفرد ، وإن علم أن عنبا آخر يباع ويخمر لو لم يبع هو هذا ، فإذا تراكمت التروك بترك هذا للبيع وترك ذاك له وهكذا حصل ترك التخمير رأسا ، وكان كل ترك مقدمة لترك فرد من الحرام لا أن مجموع التروك يكون مقدمة لترك حرام واحد [1] . وفيه : أن النهي إنما ينحل إلى أفراد الطبيعة لأن معنى النهي عن الشئ عبارة عن الزجر عنه لما فيه من المفسدة الالزامية ، فإذا توجه النهي إلى طبيعة ما وكان كل واحد من أفرادها مشتملا على المفسدة الالزامية فلا محالة ينحل ذلك النهي إلى نواهي عديدة حسب تعدد الأفراد ، وأما في مثل المقام فإن منشأ النهي فيه هو أن لا يتحقق الإثم في الخارج ، فالغرض منه إنما هو الوصول إلى ذلك ، فإذا علم صدور الإثم في الخارج ولو مع ترك الإعانة من شخص خاص فلا موجب لحرمتها . وهذا كما إذا نهى المولى عبيده عن الدخول عليه في ساعة عينها لفراغه ، فإن غرضه يفوت إذا دخل عليه واحد منهم فترتفع المبغوضية عن دخول غيره . ويدلنا على ذلك ما في الروايات المتقدمة ، من تجويزهم ( عليهم السلام ) بيع العنب والتمر وعصيرهما ممن يصنعها خمرا ، إذ لو لم تدل تلك