ولم يذهب ثلثاه ، فإن ظاهر غير واحدة من الروايات أن شربه كان متعارفا في زمان الصادق ( عليه السلام ) ، إذ من المستبعد جدا أنهم ( عليهم السلام ) يبيعون تمرهم في كل سنة ممن يصنعه خمرا . وفيه : أن استعمال الخمر في العصير المغلي مجازا وإن صح إلا أنه لا يمكن الالتزام به مع عراء الكلام عن القرينة المجوزة ، على أن هذا الحمل إنما يصح على القول بنجاسة عصير التمر أو بحرمته بعد غليانه ، ولم يثبت شئ منهما ، بل الظاهر طهارته وإباحته ما لم يكن مسكرا ، وعليه فلا مجوز لاطلاق لفظ الخمر أو الشراب الخبيث عليه . قال المصنف : فالأولى حمل الأخبار المانعة على الكراهة لشهادة غير واحد من الأخبار على الكراهة ، كما أفتى به جماعة [1] ويشهد له رواية رفاعة عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا ، قال : بعه ممن يطبخه أو يصنعه خلا أحب إلي ، ولا أرى به - بالأول - بأسا [2] . وفيه أولا : أنه معارض بما في بعض الروايات ، من بيعهم ( عليهم السلام ) تمرهم ممن يجعله شرابا خبيثا على ما أشرنا إليه ، لبعد صدور الفعل المكروه منهم ( عليهم السلام ) دفعة واحدة فضلا عن الدفعات ، وبما في بعض روايات الباب من تعليل جواز البيع بأنه قد وقع على العنب الحلال وإنما المشتري جعله حراما أبعده الله وأسحقه فلا تزر وازرة وزر أخرى ، وقد ذكرنا الروايات في الحاشية .
[1] منهم المحقق في الشرايع 2 : 10 ، والعلامة في الإرشاد 1 : 357 ، والشهيد في اللمعة : 108 ، ونسبه في الجواهر 22 : 31 إلى المشهور . [2] نسبة الرواية إلى رفاعة من سهو القلم ، بل هي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه سئل عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا ، فقال : بعه ممن يطبخه أو يصنعه خلا أحب إلي ، ولا أرى به بالأول بأسا ( التهذيب 7 : 137 ، الإستبصار 3 : 106 ، عنهما الوسائل 17 : 231 ) .