وثالثا : إنا إذا سلمنا حرمة البيع مع قصد الغاية المحرمة لصدق الإعانة على الإثم عليه فلا بد من الالتزام بحرمة البيع مع العلم بترتب الحرام أيضا ، لصدق الإعانة على الإثم عليه أيضا ، وإن قلنا بالجواز في الثاني من جهة الأخبار المجوزة فلا بد من القول بالجواز في الأول أيضا ، لعدم اختصاص الجواز الذي دلت عليه الأخبار بفرض عدم القصد . ورابعا : إنا لم نستوضح الفرق بين القسمين ، فإن القصد بمعنى الإرادة والاختيار يستحيل أن يتعلق بالغاية المحرمة في محل الكلام ، لأنها من فعل المشتري ، إذ هو الذي يجعل العنب خمرا والخشب صنما ، فلا معنى لفرض تعلق القصد بالغاية المحرمة ، وأما القصد بمعنى العلم والالتفات فهو مفروض الوجود في القسمين ، فلا وجه للتفصيل بينهما . نعم يمكن أن يكون الداعي إلى بيع البائع هو ترتب الغاية المحرمة تارة وغير ذلك تارة أخرى مع العلم بترتبها في الخارج ، ولكن هذا لا يكون سببا في اختلاف صدق الإعانة عليهما ، لأن دعوة الحرام إلى الفعل ليست شرطا في صدق الإعانة على الإثم ، وهو واضح ، إذن فلا وجه للتفصيل المذكور في كلام المصنف . ثم إن تحقيق هذه المسألة يقع تارة من حيث الروايات ، وأخرى من حيث القواعد . أما الصورة الأولى ، فالكلام فيها من جهتين : الأولى في الحرمة الوضعية ، والثانية في الحرمة التكليفية . 1 - ربما يقال بفساد المعاوضة مع العلم بصرف المبيع أو الانتفاع بالعين المستأجرة في الجهة المحرمة ، لخبر جابر المتقدم : عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه الخمر ، قال : حرام أجرته ، فإنه لا وجه لحرمة الأجرة إذا كانت المعاملة صحيحة ، وبعدم القول بالفصل بين الإجارة والبيع يتم المقصود .