ففي المختلف [1] : إذا كان البائع يعلم أن المشتري يعمل الخشب صنما أو شيئا من الملاهي حرم بيعه ، وإن لم يشترط في العقد ذلك ، لنا أنه قد اشتمل على نوع مفسدة فيكون محرما لأنه إعانة على المنكر . ونقل عن ابن إدريس جواز ذلك لأن الوزر على من يجعله كذلك لا على البائع . وفصل المصنف ( رحمه الله ) بين ما لم يقصد منه الحرام فحكم بجواز بيعه وبينما يقصد منه الحرام فحكم بحرمته لكونه إعانة على الإثم فتكون محرمة بلا خلاف ، وقد وقع الخلاف في ذلك بين العامة أيضا [2] . أما ما ذكره المصنف ( رحمه الله ) من التفصيل فيرد عليه أولا : أن مفهوم الإعانة على الإثم والعدوان كمفهوم الإعانة على البر والتقوى أمر واقعي ، لا يتبدل بالقصد ولا يختلف بالوجوه والاعتبار . وثانيا : لا دليل على حرمة الإعانة على الإثم ما لم يكن التسبيب والتسبب في البين كما سيأتي .
[1] المختلف : 676 . [2] في سنن البيهقي أفتى بكراهة بيع العصير ممن يعصر الخمر ، والسيف ممن يعصى الله عز وجل ( سنن البيهقي 5 : 327 ) . وفي المبسوط للسرخسي : ولا بأس ببيع العصير ممن يجعله خمرا ، لأن العصير مشروب طاهر حلال ، فيجوز بيعه وأكل ثمنه ، ولا فساد في قصد البائع ، إنما الفساد في قصد المشتري ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، وكره ذلك أبو يوسف ومحمد استحسانا ، لكونه إعانة على المعصية ، وذلك حرام ( المبسوط للسرخسي 24 : 26 ) . وفي شرح فتح القدير : ولا بأس ببيع العصير ممن يعلم أنه يتخذه خمرا ، لأن المعصية لا تقام بعينه بل بعد تغييره ( شرح فتح القدير 8 : 127 ) . وفي فقه المذاهب الأربعة عن الحنابلة : كلما أفضى إلى محرم فهو حرام ( فقه المذاهب الأربعة 2 : 52 ) .