وثانيا : أنها محمولة على الكراهة ، لمعارضتها بحسنة ابن أذينة [1] الدالة على جواز ايجار الحمولة لحمل الخمر والخنازير . وجمع المصنف بينهما بأن رواية ابن أذينة محمولة على ما إذا اتفق الحمل من غير أن يؤخذ ركنا أو شرطا في العقد ، بتقريب أن خبر جابر نص فيما نحن فيه وظاهر في هذا ، وأن حسنة ابن أذينة بالعكس ، فيطرح ظاهر كل منهما بنص الآخر . وفيه : أنه قد تقدم في البحث عن بيع العذرة أن المتيقن الخارج عن مقام التخاطب من الدليلين لا يصحح الجمع الدلالي بينهما ما لم يساعده شاهد من النقل والاعتبار ، وإنما هو تبرعي محض . ومن هنا اندفع ما في التهذيب [2] ، من أنه إنما حرم إجارة البيت لمن يبيع الخمر لأن بيع الخمر حرام وأجاز إجارة السفينة يحمل فيها الخمر ، لأن حملها ليس بحرام ، لأنه يجوز أن يحمل ليجعل خلا ، وعلى هذا لا تنافي بين الخبرين ، على أنه ذكر في الحسنة جواز حمل الخمر والخنازير ، وما ذكره من التوجيه في حمل الخمر لا يجري في حمل الخنازير . وقد يتوهم عدم نفوذ الإجارة وضعا وحرمتها تكليفا لرواية دعائم الاسلام [3] الظاهر فيهما .
[1] ابن أذينة قال : كتبت إلى أبي عبد الله ( عليه السلام ) أسأله عن الرجل يؤاجر سفينته ودابته ممن يحمل عليها أو فيها الخمر والخنازير ، قال : لا بأس ( الكافي 5 : 227 ، التهذيب 6 : 372 ، الإستبصار 3 : 55 ، عنهم الوسائل 17 : 174 ) ، حسنة لإبراهيم بن هاشم . [2] التهذيب 6 : 372 . [3] عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال : من اكترى دابته أو سفينته ، فحمل عليها المكتري خمرا أو خنازير أو ما يحرم ، لم يكن على صاحب الدابة شئ ، وإن تعاقدا على حمل ذلك فالعقد فاسد ، والكري على ذلك حرام ( دعائم الاسلام 2 : 78 ، عنه المستدرك 13 : 121 ) ، مرسلة .