قوله : الأولى : بيع العنب على أن يعمل خمرا والخشب على أن يعمل صنما . أقول : ادعى في المستند [1] وفي متاجر الجواهر [2] وغيرهما عدم الخلاف بل الاجماع على حرمة الإجارة والبيع بل كل معاملة وتكسب للمحرم ، سواء اشترطاه في العقد أم حصل اتفاق المتبايعين عليه ، كإجارة المساكن والحمولات للخمر ، وركوب الظلمة واسكانهم للظلم ، وبيع العنب والتمر وغيرهما مما يتخذ منه المسكر ليعمل خمرا ، أو الخشب ليعمل صنما أو بربطا . وإلى هذا القول ذهب بعض أهل الخلاف [3] ، بل هو ظاهر جميعهم ، لنصهم على حرمة الإجارة للأمور المحرمة ، وسيأتي ، ولا فرق في ذلك بين الإجارة وسائر المعاملات . وكيف كان ، فالكلام يقع في ناحيتين : الأولى في جواز بيع المباح على أن يجعل حراما وعدم جوازه ، والثانية في بيان أقسام ما يقصد من إجارته الحرام وذكر أحكامه . أما الناحية الأولى ، فالذي يمكن الاستدلال به على حرمة البيع وجوه : 1 - إن بيع الأشياء المباحة على أن تصرف في الحرام ، كبيع العنب للتخمير ، وبيع الخشب لجعله صنما أو آلة لهو ، إعانة على الإثم ، بل في المستند [4] أنه معاونة على الإثم المحرم كتابا وسنة واجماعا .
[1] المستند 2 : 336 . [2] جواهر الكلام 22 : 31 . [3] في فقه المذاهب الأربعة : المالكية قالوا بحرمة بيع الدكان ليباع فيه الخمر ونحوها مما يفسد العقل ، أو يتخذ بيوتا للدعارة ، أو محلا للفسق أو نحو ذلك ( فقه المذاهب الأربعة 3 : 176 ) . [4] المستند 2 : 336 .