فإذا حرم بيع الخشب لذلك ، فإن بيع الصليب والصنم أولى بالتحريم ، وهذا هو الوجه الوجيه ، ويؤيده قيام السيرة القطعية المتصلة إلى زمان المعصوم ( عليه السلام ) على حرمة بيع هياكل العبادة . ويؤيده أيضا وجوب اتلافها حسما لمادة الفساد ، كما أتلف النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلي ( عليه السلام ) أصنام مكة [1] ، فإنه لو جاز بيعها لما جاز اتلافها .
[1] عن ابن مسعود قال : دخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) مكة يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون نصبا ، فجعل يطعنها بعود يده ويقول : جاء الحق وما يبدئ الباطل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ( سنن البيهقي 6 : 101 ، ورواه البخاري ومسلم ) . عن أبي هريرة قال : قال لي جابر بن عبد الله : دخلنا مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) مكة وفي البيت وحوله ثلاثمائة وستون صنما ، فأمر بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فألقيت كلها لوجوهها ، وكان على البيت صنم طويل يقال له : هبل ، فنظر النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى علي ( عليه السلام ) وقال له : يا علي تركب على أو أركب عليك لألقي هبل عن ظهر الكعبة ، قلت : يا رسول الله بل تركبني ، فلما جلس على ظهري لم أستطع حمله لثقل الرسالة ، قلت : يا رسول الله بل أركبك ، فضحك ونزل وطأطأ لي ظهره واستويت عليه ، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو أردت أن أمسك السماء لمسكتها بيدي ، فألقيت هبل عن ظهر الكعبة ، فأنزل الله تعالى : وقل جاء الحق وزهق الباطل ( البحار 38 : 76 ، والآية في الاسراء : 18 ) . وعن أحمد بن حنبل وأبي بكر الخطيب في كتابيهما ما يقرب من ذلك . وعن أحمد بن حنبل وأبي يعلى الموصلي في مسنديهما ، وأبي بكر الخطيب في تاريخه ، ومحمد بن الصباح الزعفراني في الفضائل ، والخطيب الخوارزمي في أربعينه في تفسير قوله تعالى : ورفعناه مكانا عليا ، أنه في صعود علي ( عليه السلام ) على ظهر النبي ( صلى الله عليه وآله ) لقلع الصنم ( البحار 38 : 75 - 85 ) . راجع مسند أحمد بن حنبل 1 : 84 و 151 ، كنز العمال عن مسند أبي يعلى 6 : 407 ، تاريخ بغداد للخطيب 13 : 302 ، السنن للبيهقي 3 : 247 ، المناقب للخوارزمي : 71 ، شواهد التنزيل للحسكاني 1 : 350 ، الخصائص للنسائي : 31 ، ينابيع المودة للقندوزي : 139 ، وذخائر العقبى للطبري : 85 ، والمستدرك للحاكم 2 : 367 .