من سبق إلى ما لم يسبقه أحد مسلم فهو أولى به ، وأما فيما إذا كان أصله ملكا للشخص فلاستصحاب بقاء العلقة [1] . فقد علمت أن المورد ليس مما يجري فيه الاستصحاب ، وأن الحديث لا يدل على المدعى . قوله : ثم إنه يشترط في الاختصاص بالحيازة قصد الحائز للانتفاع . أقول : محصل كلامه أنه يشترط في الاختصاص قصد الحائز الانتفاع بالمحاز ، فلو خلت حيازته عن ذلك القصد لم يثبت له حق الاختصاص في المحاز وجاز لغيره مع العلم بذلك أن يزاحمه في التصرفات ، ولا فرق في ذلك بين الأوقاف العامة والمباحات الأصلية . وعليه فيشكل الأمر فيما يتعارف في أكثر البلاد من جمع العذرة وبيعها لتسميد البساطين والزروع ، فإن الظاهر بل المقطوع به أنه ليس للشخص قصد الانتفاع بفضلاته ولم يحرزها للانتفاع بها ، فيكون أخذ المال بإزائها أخذا محرما . ولكن التحقيق أن يقال : إن المحاز قد يكون من الأمكنة المشتركة كالأوقاف العامة ، وقد يكون من المباحات الأصلية . أما الأول ، فلا ريب في أن اختصاص الحائز به مشروط بقصد الانتفاع على حسب ما أوقفه أهله ، وإلا فلا يثبت له الاختصاص لكونه على خلاف مقصود الواقف ، ومن هنا لم يجز بيعه ولا هبته ولا إجارته ولا استملاكه . على أنا لو قلنا بعدم الاشتراط بذلك لجاز اشغال المساجد ومعابد المسلمين بنحو من الحيازة ، ولو بالقاء السجادة ووضع التربة ثم بيعها من