ومن هنا ظهر ما في رواية زكريا بن آدم [1] ، التي تدل على اهراق المرق المتنجس ، فإن الأمر بالهراقة فيها ارشاد إلى ما ذكرناه ، من قلة نفعه مضافا إلى أنها ضعيفة السند . ومنها : قوله ( عليه السلام ) في روايتي سماعة وعمار الواردتين في الإنائين المشتبهين : يهريقهما جميعا ويتيمم [2] ، فإن أمره ( عليه السلام ) بهراقة الإنائين مع امكان الانتفاع بهما في غير ما هو مشروط بالطهارة ظاهر في حرمة الانتفاع بالماء المتنجس ، وبضميمة عدم القول بالفصل بين أفراد المتنجسات يتم المطلوب . وفيه أن خصوصية المورد تقتضي كون الأمر بالاهراق ارشادا إلى مانعية النجاسة عن الوضوء ، ثم إذا سلمنا كون الأمر فيهما للمولوية التكليفية فمن المحتمل القريب أن يكون الغرض من الأمر هو تتميم موضوع جواز التيمم ، لأن جوازه في الشريعة المقدسة مقيد بفقدان الماء ، وقبل إراقة الإنائين لا يتحقق عنوان الفقدان لوجود الماء الطاهر عنده وإن لم يعرفه بعينه ، ولذلك أفتى بعض الفقهاء بعدم جواز التيمم قبل اهراق الإنائين .
[1] عن زكريا بن آدم قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير ، قال : يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب ( التهذيب 1 : 279 ، عنه الوسائل 3 : 470 ) ، مهملة للحسن المبارك ، وضعيفة لمحمد بن موسى . [2] قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر ولا يدري أيهما ، وليس يقدر على ماء غيرهما ، قال : يهريقهما جميعا ويتيمم ( الكافي 3 : 10 ، التهذيب 1 : 229 و 249 ، الإستبصار 1 : 21 ، عنهم الوسائل 1 : 151 ) ، ضعيفة لعثمان بن عيسى . ومثلها رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ( التهذيب 1 : 248 و 407 ، عنهما الوسائل 1 : 155 ) ، ولكنها موثقة لأجله ولمصدق بن صدقة .