ويحتمل أن يراد من الرجز العذاب ، كما في قوله تعالى : وأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء [1] ، وقد صرح بذلك بعض أهل اللغة كصاحب القاموس وغيره . وعلى هذا فالمراد من هجر العذاب هجر موجباته كما أريد من المسارعة إلى المغفرة [2] ومن الاستباق إلى الخيرات [3] المسارعة والاستباق إلى أسبابهما في آيتهما . ومنها : قوله تعالى : ويحرم عليهم الخبائث [4] ، بناء على صدق الخبائث على المتنجسات ، وحيث إن التحريم في الآية لم يقيد بجهة خاصة فهي تدل على عموم تحريم الانتفاع بالمتنجسات . وأجاب عنها المصنف بأن المراد من التحريم خصوص حرمة الأكل بقرينة مقابلته بحلية الطيبات ، وفيه : أن مقتضى الاطلاق هو حرمة الانتفاع بالخبائث مطلقا فتدل على حرمة الانتفاع بالمتنجس كذلك . والحق أن يقال : إن متعلق التحريم في الآية إنما هو العمل الخبيث والفعل القبيح ، فالمتنجس خارج عن مدلولها لأنه من الأعيان . لا يقال : إذا أريد من الخبيث العمل القبيح وجب الالتزام بالتقدير ، وهو خلاف الظاهر من الآية . فإنه يقال : إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الخبيث بنفسه بمعنى العمل القبيح ، وقد أثبتنا في مبحث بيع الأبوال صحة اطلاقه عليه بدون عناية ، وخصوصا بقرينة قوله تعالى : ونجيناه من القرية التي كانت تعمل
[1] البقرة : 56 . [2] قوله تعالى : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم - المائدة : 93 . [3] قوله تعالى : فاستبقوا الخيرات - البقرة : 143 . [4] الأعراف : 156 .