كونهم موثقين ، إذن فالمناط هي الوثاقة في الراوي . وعلى هذا ، فإن كان عمل المشهور راجعا إلى توثيق رواة الخبر وشهادتهم بذلك فبها ، وإلا فلا يوجب انجبار ضعفه ، ومن هنا يعلم أنه بعد ثبوت صحة الخبر لا يضره اعراض المشهور عنه ، إلا أن يرجع إلى تضعيف رواته . وبالجملة أن الملاك في حجية أخبار الآحاد هو وثاقة رواتها ، والمناط في عدم حجيتها عدم وثاقتهم ، ولأجل ذلك نهي عن الرجوع إلى من لا وثاقة له [1] ، وتفصيل الكلام في الأصول . وأما الوجه في منع الصغرى ، فهو عدم ثبوت عمل المتقدمين بها ، وأما عمل المتأخرين فهو على تقدير ثبوته غير جابر لضعفها . مضافا إلى أن استنادهم إليها في فتياهم ممنوع جدا ، كما سيأتي ، فإن المظنون بل الموثوق به هو اعتمادهم في الفتيا علي غيرها ، وإنما ذكروها في بعض الموارد تأييدا للمرام لا ناسبا للكلام . لا يقال : أن شرائط الحجية وإن كانت غير موجودة فيها إلا أن موافقتها في المضمون مع الروايات الأخرى الصحيحة أو الموثقة توجب حجيتها ، على أن آثار الصدق منها ظاهرة . فإنه يقال : إذا لم تستوف الرواية شرائط الحجية فمجرد موافقتها مع الحجة في المضمون لا تجعلها حجة .
[1] عن علي بن سويد السائي قال : كتب إلى أبو الحسن ( عليه السلام ) وهو في السجن : وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك ، لا تأخذن معالم دينك من غير شيعتنا ، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، أنهم ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكته ولعنة آبائي الكرام ، ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة ( رجال الكشي : 3 ، الرقم : 4 ) .