اجتمعت شرائط النهي عن المنكر ، وأما أن تكون غير فعلية على تقدير وجود المانع ، كسكوت الملتفت إلى الحرام عن منع الجاهل الذي يريد أن يرتكبه ، فإن الجاهل ما لم يلتفت إلى الحرام لا يكون ارتكابه محرما ليجتمع سكوت الملتفت عن المنع مع الحرمة الفعلية ، كما فيما نحن فيه ، وهذا الأخير إن كان من الأمور المهمة في نظر الشارع حرم السكوت ووجب رفع الحرام وإلا ففيه اشكال . أقول : هذا التقسيم الذي أفاده المصنف ( رحمه الله ) لا يرجع إلى محصل ، مضافا إلى جريه في اطلاق العلة والمعلول على غير ما هو المصطلح فيهما . والمناسب في المقام تقسيم القاء الغير في الحرام الواقعي على نحو يمكن تطبيقه على القواعد واستفادة حكمه من الروايات ، فنقول : إن الكلام قد يقع في بيان الأحكام الواقعية ، وقد يقع في إضافة فعل أحد الشخصين إلى الشخص الآخر من حيث العلية أو السببية أو الداعوية . أما الأول ، فقد يكون الكلام في الأحكام الكلية الإلهية ، وقد يكون في الأحكام الجزئية المترتبة على الموضوعات الشخصية . أما الأحكام الكلية الإلهية فلا ريب في وجوب اعلام الجاهل بها لوجوب تبليغ الأحكام الشرعية على الناس جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة ، وقد دلت عليه آية النفر [1] والروايات الواردة في بذل العلم وتعليمه وتعلمه [2] .
[1] قوله تعالى : وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون - التوبة : 123 . [2] راجع الكافي 1 : 32 - 37 .