في غير أوان العنب ، فإنه لا قصور في شمول دليل اليد لذلك مع قيام السيرة القطعية عليه . وإن كان غليانه لا يوجب نقصان قيمته أو كان سببا لزيادتها فلا وجه للضمان ، كأن أخذ للدبس ونحوه فغصبه الغاصب فأغلاه ، والوجه في ذلك هو أن الغاصب وإن أحدث في العصير المغصوب وصفا جديدا إلا أن تصرفه هذا لم يحدث عيبا في العصير ليكون موجبا للضمان بل صار وسيلة لازدياد القيمة . ومن هنا ظهر لك ضعف قول الماتن : لو غصب عصيرا فأغلاه حتى حرم ونجس لم يكن في حكم التالف بل وجب عليه رده ووجب عليه غرامة الثلثين وأجرة العمل فيه حتى يذهب الثلثان ، فقد عرفت عدم صحة ذلك على اطلاقه . إذا علمت ذلك وقع الكلام في ناحيتين : الناحية الأولى في جواز بيع العصير العنبي وعدمه بحسب القواعد ، والناحية الثانية في جواز بيعه وعدم جوازه بحسب الروايات . أما الناحية الأولى ، فقد يقال بحرمة بيعه إذا غلى من جهة النجاسة والحرمة وانتفاء المالية ، ولا يرجع شئ من هذه التعليلات إلى معنى محصل . أما النجاسة ، فإنها لم تذكر إلا في رواية تحف العقول ، والمراد بها النجاسات الذاتية فلا تشمل المتنجسات ، لأن نجاستها عرضية ، ولو سلمنا شمولها للمتنجسات فالنهي عن بيعها ليس إلا من جهة عرائها عن المنفعة المحللة ، ولا شبهة في أن العصير العنبي المغلي ليس كذلك لوجود المنافع المحللة فيه بعد ذهاب ثلثيه ، على أن مانعية النجاسة عن البيع ممنوعة كما تقدم .