على نحو الانتفاع بالمذكي ، كما حملنا على ذلك قوله ( عليه السلام ) في رواية الوشاء المتقدمة : أما علمت أنه يصيب اليد والثوب وهو حرام ، وإلا فلا مناص من الالتزام بالوجوب النفسي للرمي ، وهو بديهي البطلان ، إذ عمدة ما يكون النظر ومورد الرغبة من الميتة هو جلدها ، وليس هذا مما تأكله الكلاب . وهذا نظير في بيع الدراهم المغشوشة ، من أمره ( عليه السلام ) بكسر درهم من طبقتين طبقة من نحاس ومن فضة ، فإن المراد بذلك ليس إلا اعدام الهيئة الدرهمية لئلا يعامل عليها معاملة الدراهم ، وإلا فكسر الدرهم المغشوش ليس من الواجبات النفسية كالصوم والصلاة . ومن هذا القبيل أيضا أمره ( عليه السلام ) بإراقة الإنائين المشتبهين ، وبإراقة المرق المتنجس ، كما سيأتي في الانتفاع بالمتنجس . وثانيا : إن حرمة الانتفاع بهما بحسب أنفسهما لا ينافي جواز بيعهما ممن هو في حكم الكلب أو أضل سبيلا . ويؤيده ما ورد في بعض الروايات من اطعام المرق المتنجس أهل الذمة أو الكلاب [1] ، فإنه ( عليه السلام ) قد جعل سبيلهما واحدا ، وأما غير الذمي فهو مثله بل أولى . وثالثا : لو أغمضنا عن جميع ما ذكرناه فغاية ما يستفاد من الرواية ليس إلا حرمة الانتفاع بكلا المختلطين لوجود الميتة فيهما ، فتكون مما تدل على حرمة الانتفاع بهما ، وقد تقدم الكلام في ذلك .
[1] زكريا بن آدم قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير ، قال : يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلاب - الحديث ( التهذيب 1 : 279 ، عنه الوسائل 3 : 470 ) ، مهملة للحسن المبارك .