الأول : أن يكون الخروج بدليل مختص بالغيبة كتظلم المظلوم ، وقد تقدم الكلام فيه . الثاني : أن يكون الخروج بدليل عام جار في أبواب الفقه ولا يختص بالغيبة فقط ، كأدلة نفي الحرج والضرر ، هذا كله بحسب الكبرى ، وأما بحسب الصغرى فقد ذكروا لها موارد عديدة : 3 - نصح المستشير : قال المصنف : فإن النصيحة واجبة للمستشير ، فإن خيانته قد تكون أقوى مفسدة من الوقوع في المغتاب ، وكذلك النصح من غير استشارة . وعليه فالنسبة بينه وبين الغيبة عموم من وجه ، لأن الغيبة قد تتحقق باظهار العيوب المستورة حيث لا يتحقق النصح كما هو الكثير ، وقد يتحقق النصح حيث لا تتحقق الغيبة كما إذا لم يتوقف على ذكر أحد بالسوء ، وقد يجتمعان كما إذا استشاره أحد في التزويج بامرأة معلومة وهو يعلم أنها فاجرة ومتبرجة ، أو استشاره في مصاحبة رجل في السفر أو التجارة أو المجالسة وهو يعلم أنه خائن وسئ الخلق وشارب الخمر ومرتكب الفجور ، وآكل أموال الناس بالظلم والعدوان ، أو استشاره في التلمذة عند شخص وهو يعلم أنه سئ العقيدة أو سئ العمل ، فإن النصح في الموارد المذكورة يتوقف على الغيبة . وعلى هذا فإن كان دليل وجوب النصح ودليل حرمة الغيبة من قبيل المتعارضين تساقطا معا في مادة الاجتماع ، وكان المرجع إلى أصالة الإباحة ، وإن كانا من قبيل تزاحم المقتضيين فلا بد في ترجيح أحدهما على الآخر من ملاحظة أقوى الملاكين . ولكن الظاهر أن ما نحن فيه من صغريات باب التزاحم لا التعارض ، فإن