2 - جواز تظلم المظلوم : قوله : الثاني : تظلم المظلوم واظهار ما فعل به الظالم وإن كان متسترا به . أقول : ذكر الشيعة والسنة [1] من مستثنيات حرمة الغيبة تظلم المظلوم ، واظهار ما أصابه من الظالم وإن كان متسترا في ظلمه إياه ، كما إذا ضربه أو شتمه أو أخذ ماله أو هجم على داره في مكان لا يراهما أحد أو لا يراهما من يتظلم إليه ، فإنه يجوز للمظلوم أن يتظلم بها إلى الناس . ويدل عليه قوله تعالى : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم [2] ، فقد ثبت من الخارج أن الغيبة من الجهر بالسوء ، فإنها إظهار ما ستره الله من العيوب الموجبة لهتك المقول فيه وإهانته كما عرفت ، وعليه فتنطبق الآية على ما نحن فيه ، وتكون النتيجة : إن الله لا يحب الاغتياب إلا للمظلوم ، فإن له أن يتظلم إلى الناس بذكر مساوي الظالم ، وإن لم يرج ارتداعه عن ظلمه إياه . وأما الرواية المفسرة للجهر بالسوء بأن المراد به الشتم [3] ، فمضافا إلى ضعف السند فيها أن انطباقه على ذلك لا ينافي انطباقه على الغيبة أيضا ، لما عرفت مرارا من أن الروايات الواردة في تفسير القرآن كلها لبيان المصداق وتنقيح الصغرى . وقيد الشهيد في كشف الريبة [4] وجمع ممن تأخر عنه [5] جواز الغيبة
[1] راجع احياء العلوم 3 : 133 . [2] النساء : 148 . [3] مجمع البيان 2 : 131 . [4] كشف الريبة : 77 . [5] كالمحقق السبزواري في كفاية الأحكام : 86 ، والمحقق النراقي في المستند 2 : 347 ، والسيد العاملي في مفتاح الكرامة 4 : 66 .