الشرعية وتعليم المسائل الدينية ، فقد عرفت فيما تقدم أن منصب القضاوة والافتاء والتبليغ يقتضي المجانية . ويدل على الحرمة أيضا ما في رواية يوسف بن جابر ، من أنه لعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة [1] . ولكن الرواية ضعيفة السند . والعمدة في المقام التمسك بالاطلاقات المتقدمة الناهية عن أخذ الرشوة على الحكم . جواز ارتزاق القاضي من بيت المال : قوله : وأما الارتزاق من بيت المال فلا اشكال في جوازه للقاضي . أقول : الفرق بين الأجرة والارتزاق ، أن الأجرة تفتقر إلى تقدير العمل والعوض وضبط المدة ، وأما الارتزاق من بيت المال فمنوط بنظر الحاكم من غير أن يقدر بقدر خاص . ولا اشكال في جواز ارتزاق القاضي من بيت المال في الجملة كما هو المشهور ، لأن بيت المال معد لمصالح المسلمين والقضاء من مهماتها ، ولما كتبه على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى مالك الأشتر في عهد طويل ، فقد ذكر ( عليه السلام ) فيه صفات القاضي ثم قال : وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إلى الناس [2] ، والعهد وإن نقل مرسلا إلا أن آثار الصدق منه لائحة ، كما لا يخفى للناظر إليه [3] .
[1] عن يوسف بن جابر قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : لعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة ( التهذيب 6 : 224 ) ، مجهولة لعبد الرحمان ويوسف بن جابر . [2] راجع نهج البلاغة في العهد الذي كتبه للأشتر النخعي . [3] العهد المذكور مروي في النهج مرسلا ، أما للشيخ الطوسي إليه طريقا صحيحا ، ذكره في الفهرست ، الرقم : 119 ، حيث قال : أخبرنا بالعهد ابن أبي جيد ، عن محمد بن الحسن ، عن الحميري ، عن هارون بن مسلم والحسن بن طريف جميعا ، عن الحسين بن علوان الكلبي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، راجع معجم رجال الحديث 3 : 222 .