وأما ما ذكره أخيرا من كون الحصر ليس إضافيا فهو متين ، ولكن لا من جهة كونه خلاف الظاهر بل من جهة أنه لا معنى للحصر الإضافي في قبال الحصر الحقيقي ، غاية الأمر أن دائرة الحصر تختلف سعة وضيقا ، وقد تقدم ذلك في أول الكتاب [1] . وقال العلامة في المختلف [2] : إن تعين القضاء عليه إما بتعيين الإمام ( عليه السلام ) أو بعقد غيره أو بكونه الأفضل وكان متمكنا لم يجز الأجر عليه ، وإن لم يتعين أو كان محتاجا فالأقرب الكراهة ، لنا الأصل الإباحة على التقدير الثاني ، ولأنه فعل لا يجب عليه فجاز أخذ الأجر عليه ، أما مع التعيين فلأنه يؤدي واجبا فلا يجوز أخذ الأجرة عليه كغيره من العبادات الواجبة . وفيه : أنه لا وجه لذكر هذا التفصيل في المقام ، فإن حرمة الأجرة على القضاء لكونه واجبا عينيا أو كفائيا من صغريات البحث عن أخذ الأجرة على الواجب الذي سيأتي الكلام فيه ، وكلامنا هنا في حكم أخذ الرشوة على القضاء من حيث هي رشوة لا من جهات أخر . وعليه ، فمقتضى الاطلاقات الدالة على حرمة أخذ الأجرة على الحكم هو عدم الفرق بين صورتي الاحتياج إلى أخذ الأجرة والانحصار وبين عدمهما كما هو واضح . ومن هنا ظهر أنه لا وجه لقول المصنف : وأما اعتبار الحاجة فلظهور اختصاص أدلة المنع بصورة الاستغناء . ثم الظاهر أنه لا يجوز أخذ الأجرة والرشوة على تبليغ الأحكام
[1] مر في البحث عن رواية تحف العقول في أول الكتاب . [2] المختلف 2 : 164 .