فإنه لا شبهة أن كثيرا من هذه الاستعمالات للأشياء المحرمة لا تكون مضرة قطعا ، كوضع اليد عليها مثلا ، أو الأكل منها قليلا ، أو شد اليد بجلد الميتة وشعر الخنزير ، وإنما المضر هي مرتبة خاصة من الاستعمال بحسب الأشخاص والأزمان والأمكنة والكمية ، فلو كان ذلك موجبا لحرمة جميع الاستعمالات بجميع مراتبها ، فتكون نظير قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : فما أسكر كثيره فقليله حرام [1] ، للزم من ذلك القول بحرمة جميع ما خلق الله في الأرض من المباحات ، فإن كل واحد من هذه المباحات لا بد وأن يكون مضرا في الجملة ، ولو باستعمال الشئ الكثير منه . على أن الأحكام الشرعية بناء على مسلك العدلية تدور مدار ملاكاتها الواقعية من المصالح والمفاسد ، وأما المنافع والمضار فهي خارجة عن حدودها ، نعم ربما يكون الضرر أو النفع موضوعا للأحكام إلا أن ذلك غير مربوط بباب ملاكات الأحكام . 3 - إن ظاهر الرواية هو حرمة بيع الأمور المذكورة تحريما تكليفيا ، كما تقدم نظير ذلك في رواية تحف العقول ، وكلامنا في الحرمة الوضعية . 3 - رواية دعائم الاسلام : قوله : وعن دعائم الاسلام . أقول : أقصى ما قيل أو يمكن أن يقال في وجه اعتبار هذا الكتاب ، إن صاحبه أبا حنيفة النعمان حيث كان رجلا إماميا اثني عشريا جليلا فاضلا فقيها ، ومن جملة النوابغ في عصره ، بل كان فريدا في دهره ، كما