وربما يتخيل اعتبار الكتاب لأجل عمل جملة من الأكابر عليه كالمجلسيين وغيرهما ، ولكنه فاسد ، لأنهم قد استندوا في عملهم هذا بما ذكر من الوجوه التي عرفت جوابها بما لا مزيد عليه . وأما الجهة الثانية : فمع الاغضاء عن جميع ما ذكرناه والالتزام باعتبار الكتاب لا يمكن الاستناد بهذه الرواية التي نقلها العلامة الأنصاري ( رحمه الله ) في شئ من المباحث [1] ، وذلك لوجوه : 1 - عدم وجدان فتوى من فتاوى أعاظم الأصحاب على طبقها ، فإن الرواية صريحة بحرمة استعمال ما نهي عنه مما فيه الفساد بجميع الاستعمالات حتى الامساك ، مع أنه لم يفت به أحد فيما نعلم ، وكيف يتفوه فقيه أو متفقه بحرمة إمساك الدم والميتة ولحوم السباع ، كما أن ذلك مقتضى الرواية ، إذن فلا يمكن الفتوى على طبقها . 2 - إن مقتضى قوله : فحرام ضار للجسم وفساد للنفس ، أن الضابطة في تحريم هذه الأمور المذكورة في الرواية هو اضرارها للجسم ، كما أن المناط في جوازها عدم اضرارها له ، مع أن جلها ليس بضار للجسم كالملابس والمناكح وأكثر المشارب والمآكل إن لم يكن كلها كذلك ، وعلى فرض تسليم ذلك فلا نسلم انضباط القاعدة .
[1] إعلم يرحمك الله أن كل مأمور به مما هو من على العباد وقوام لهم في أمورهم ، من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره ، مما يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون ، فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته ، وكل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحه وامساكه لوجه الفساد ، مثل الميتة والدم ولحم الخنزير والربا وجميع الفواحش ولحوم السباع والخمر وما أشبه ذلك ، فحرام ضار للجسم وفساد للنفس ( فقه الرضا ( عليه السلام ) ، باب التجارة : 34 و 41 ، عنه البحار 103 : 52 ، المستدرك 13 : 65 ) .