( العاشر ) : ان لا يكون مقبلا على الدنيا فأقول : اعتبار هذا الأمر غير واضح ، لأنه ان أريد من الإقبال على الدنيا ما هو ينافي العدالة ، فاعتبار العدالة يغني عن اعتباره ، وان أريد منه ما هو فوق العدالة فدليله غير واضح ، ولم أقف على من ذكره غير المصنف ( قده ) ، والخبر الذي ذكره المصنف عن تفسير العسكري بعد الإغماض عن سنده - كما تقدم - لا دلالة له على مدعاه ، فان المحتملات فيه ثلاثة : الأول دلالته على اعتبار الامانة والوثوق ، الثاني على اعتبار العدالة ، الثالث على اعتبار المرتبة العالية من العدالة . وقد قال بكل واحد منها قائل ، ولكن خير الأمور أوسطها - فلاحظ وتأمل . والحق انه يشترط فيه أمر آخر مضافا الى الأمور العشرة المزبورة وهو اعتبار القوة القدسية والملكة القوية المستقيمة ، بل هو أصل الشرائط فلو وجد ينفع البواقي والا فلا ، وهذا الشرط يتضمن أمورا : ( الأول ) ان لا يكون معوج السليقة ومنحرفا عن الطريقة القويمة ، فان الاعوجاج آفة للحاسة الباطنة كما ان الحاسة الظاهرة ربما تصير مؤفة . مثل ان يكون بالعين آفة تدرك الأشياء بغير ما هي عليها أو بالذائقة أو غيرهما كذلك ، والاعوجاج قد يكون ذاتيا كما ذكر وقد يكون كسبيا باعتبار العوارض مثل سبق تقليد أو شبهة أعجبته غفلة ، فان الحاسة تصير حينئذ مؤفة كالأول . مثلا الذائقة ربما تصير مرا بالعوارض فكل شيء تذوقه تجده مرا ، وقس عليها سائر الحواس وطريق معرفة الاعوجاج العرض على أفهام العلماء المعروفين بالاستقامة وحسن السليقة واجتهاداتهم ، فان وجد فهمه واجتهاده موافقا لطريقتهم فليحمد