وقيد طريقية البينة بأمرين : ( الأول ) بكونها من أهل الخبرة ( والثاني ) بعدم المعارضة . ( وجه الأول ) إن الموضوعات على نحوين : قسم منها ما لا يحتاج إلى النظر وإعمال الفكر كالموضوعات المحسوسة ، وهذا القسم لا يحتاج إلى التقييد بقول أهل الخبرة ، ومنها ما يحتاج إلى ذلك كالاجتهاد وباب التقويمات والأروش ونحوها ولما كانت الطرق الشرعية امضاءا لما عليه العقلاء والعقلاء يعتبرون الخبروية في مثل تلك الموضوعات قيد الماتن بذلك ، وإن كان في مثل الاجتهاد لا يخلو من تأمل . ( وأما الثاني ) فهو التقييد بعدم المعارضة وأما مع المعارضة فتسقطان ، فلما تقدم من إن التخيير أو الترجيح إنما يكون مورده الخبرين ، وأما غيرهما فمقتضى القاعدة هو التساقط بناء على الحق من الطريقية . وأما مدرك عموم حجية البينة لمثل المقام فأمور : ( أحدها ) خبر عبد اللَّه بن سليمان في المروي عن الكافي والتهذيب في الجبن : « كل شيء حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أن فيه ميتة » وذكر الميتة هنا من باب المثال ، كما إن ضعف السند منجبر بالشهرة بل الإجماع كما سيأتي . ( ثانيها ) رواية مسعدة بن صدقة : « كل شيء هو لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب » إلى ان قال : « والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة » وظاهرها الحصر في الموضوعات بأحد الطريقين ، وهما الاستبانة وقيام البينة .