( فإن قلت ) ان الماء الواحد كيف يحكم عليه بحكمين مختلفين ؟ فان الماء الباقي في المحل - بعد انفصال الغسالة - هو الماء الذي تنجس بالمحل وبملاقاة النجاسة ، والآن حكم بطهارته مع إنه ليس له مطهر . ( قلت ) طهارة الماء الباقي في المحل تستفاد من الدليل الذي أوكل أمر الغسل الى العرف ، فان العرف هو المتبع في فهم المعاني العرفية وهم المرجع في تشخيص المفاهيم ، والعرف - بعد انفصال الغسالة عن المحل بنحو المتعارف عندهم - لا يرون للباقي قذارة ، والشرع أمضى فهم العرف . وإن شئت قلت : إن طهارته لازم الدليل ، نظير دلالة الإشارة والإيماء . ( وأما الجواب عن الوجه الثاني ) - وهو ان اختلاف التحديدات يكشف عن عدم كون التحديد لأمر واحد - فهو ان يقال : ان اختلاف التقديرات للكر لا يقتضي ذلك أصلا ، بل اللازم عند معارضة الأدلة هو اعمال قواعد باب المعارضة من الترجيح أو التخيير أو غير ذلك ، لا رفع اليد عما هو ظاهر الأدلة كما هو في غير المقام من مقامات اختلاف الأدلة ، وسيأتي إنشاء اللَّه تعالى وجه الجمع على أحسن الوجوه . ( وأما الجواب عن الثالث ) فبأنه مجرد دعوى عارية عن الدليل ، إذ عدم كثرة المياه الجارية والراكدة في تلك الأماكن على القول بنجاسة القليل بالملاقاة لا يستلزم حصول وقائع في الطهارات ولا السؤال عن حفظ الماء من النجاسات كما لا يخفى ، إذ عدم السؤال لعله من جهة معلومية الانفعال عندهم كما يدل عليه أدلة الانفعال فتدبر .