الثاني انه ينجس بمجرد الانفصال وإن كان حين الملاقاة طاهرا ، ولكن هذان القولان مخالفان للأدلة الدالة على ان الماء القليل ينفعل بملاقاة النجس . الثالث : انه ينجس بملاقاة النجس ولكنه يطهر المحل ، ولا استحالة في ذلك أصلا ولا يكون مخالفا لإجماع أو لشيء من الأدلة ، إذ الإجماع والقدر المسلم من ان النجس لا يطهر هو الذي كان نجسا قبل استعماله في إزالة النجاسة ، لا ما تنجس بنفس الاستعمال ومن ناحية إزالة الخبث ونجاسة المحل ، فلا استحالة في ان يكون الماء الذي ينجس بالمحل يطهره تعبدا ، كما هو مقتضى الجمع بين الأدلة ، بل هو واقع في غير المقام كحجر الاستنجاء والماء النجس المتمم كرا عبد بعض . بل يمكن ان يقال : ولا استبعاد في ذلك وإن كان الاستبعاد لا يصغى إليه في مقابل الدليل . ووجه رفع الاستبعاد : انه يمكن ان تكون النجاسات الشرعية كالقذارات والكسافات العرفية ، وتطهيرها كتنظيف القذارات العرفية . مثلا إذا أردنا تنظيف إناء أو غيره يصب فيه الماء ويدور ويدلك ويحمل الماء جميع كسافات الإناء ، فإذا انفصل حمل الكسافات معه وصار الإناء نظيفا ، كذلك إذا أردنا تطهيره وغسله شرعا ، فالماء يحمل النجاسة فإذا انفصل حمل النجاسة معه ويصير الإناء طاهرا ، فالماء بملاقاة النجاسة يحمل النجاسة ويصير نجسا وبعد صيرورته نجسا أيضا يحمل النجاسة من المحل الذي لاقاه حتى لا ينفصل ، فإذا انفصل يكون باقيا على النجاسة لكن لا يصير الإناء طاهرا ، وهذا موافق للأدلة الدالة على ان الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة ، ولا يكون مخالفا لشيء من الأدلة .