حجية المدرك الأول واقعا وبقاء الحكم الواقعي على ما هو عليه . والحاصل انه ليس حال انكشاف الخلاف في الدليل الظني إلا حال الانكشاف في الدليل القطعي ، فكما انه لا معنى للقول بأن القطع الأول كالقطع الثاني فلا وجه لرفع اليد عن الأول بالثاني كذلك الحال في المقام . وبالجملة لا يكون حال الحجة الشرعية سابقا الا كحال الإحراز الوجداني ، ولم يقل أحد بالاجزاء بالإضافة الى الأمر العقلي ، والشارع جعل الطريق أو الامارة قطعا تنزيلا ، وليس هناك جعل حكم في قبال الواقع . ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بالطريقية المحضة أو السببية على الوجه الثالث الذي أفاده العلامة الأنصاري ( قده ) فان السببية السلوكية متقومة بعدم كشف الخلاف . وحاصل تصوير السببية على هذا الوجه هو ان يكون قيام الامارة موجبا لتدارك المقدار الفائت من مصلحة الواقع بسبب العمل بتلك الامارة ، وأما الواقع الذي انكشف بقاؤه فلم يفت حتى يتدارك ، بل المتدارك هو المصلحة الفائتة من فضيلة الوقت أو أوله إذا انكشف الخطأ بعد الوقت مثلا . ( فان قلت ) ان عدم الاجزاء في الامارات والطرق - وان كان واضحا على مسلك المخطئة - ولكن ليس حال الأصول العملية حال الأمارات في عدم الإجزاء كأصالة الإباحة والطهارة بل واستصحابهما ، فان مقتضى القاعدة في فرض المخالفة فيها هو الاجزاء ، لان لسان أدلتها هو تنزيل المشكوك منزلة المتيقن وترتيب آثاره عليه ، فتكون حاكمة على الأدلة الدالة على اشتراط الصلاة بالطهارة ، ودالة على أن الشرط أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية ، فانكشاف