على أن ظاهر قوله عليه السلام ( فليتموا ) أن المأمور به الواقعي هو الإتمام ، ومقتضى ذلك عدم تحقق المسافرية ، ولازمه عدم احتساب ما يقطع ثانيا إلى ما قطعه قبل التردد .
كما أن الإمام عليه السلام لم يأمر بالإعادة ، بل أطلق عليه السلام : ( فإذا مضوا فليقصروا ) ولم يقيد بكون الباقي بمقدار المسافة أولا . ولعله لأجل ذلك حكم السيد الطباطبائي في ( العروة الوثقى ) بالجمع حيث قال : « لو تردد في الأثناء ثم عاد إلى الجزم ، فأما أن يكون قبل قطع شيء من الطريق أو بعده ، ففي الصورة الأولى يبقى على القصد إذا كان ما بقي مسافة ولو ملفقة . وكذا إن لم يكن مسافة في وجه ، لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع .
وأما في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفقة يقصر أيضا وإلا فيبقى على التمام . نعم لو كان ما قطعه حال الجزم أولا مع ما بقي بعد العود إلى الجزم - بعد إسقاط ما تخلل بينهما مما قطعه حال التردد - مسافة ففي العود إلى التقصير وجه ، لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع » [1] .
وقال صاحب الجواهر : « أما لو قطع حال التردد جملة ثم رجع إلى الجزم احتمل اعتبار بلوغ ما بقي مسافة في ترخصه ، لذهاب حكم ما قطعه أولا بالتردد ولو في بعضه ، ويحتمل - ولعله الأقوى -

[1] العروة الوثقى - فصل في صلاة المسافر ، المسألة 23 .

94