السفر علة للوقوع في مفسدة المحرم الذاتي [1] فيصدق عليه انه ليس بمسير حق . نعم ، لو كان العنوان سفر المعصية ، لقيل بأنه ليس كذلك فلا يوجب التمام .
والتحقيق : أنه بالنظر إلى الاستثناء في رواية ابن أبى عمير حيث قال : « لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا في سبيل حق » وبالنظر إلى التعليل في رواية عبيد بن زرارة حيث قال عليه السلام :
« لأنه ليس بمسير حق » يكون الموضوع للقصر هو كونه سبيل حق أو مسير حق ، أما على الأول فواضح ، وأما على الثاني فلان التعليل راجع إلى نفى موضوع القصر ، ضرورة أن الحكم بالتمام ليس إلا لأجل انتفاء ذلك الموضوع ، فنقول :
أما على الأول فهو يتردد بين أن يكون الحق وصفا للسبيل ، وبين أن يكون مضافا إليه وغاية للسفر - كما لعله الظاهر من اللفظ - فهذا السفر الذي للتجارة كانت غايته حقا وليس الاضطرار إلى أكل الميتة مثلا غاية له ، ومع التردد يحصل العلم الإجمالي الدائر بين القصر والتمام ، فيجب الجمع بينهما في مثل هذا السفر .
لكن لا ريب في أن الغاية إذا كانت حقا صح توصيف السفر بأنه حق ، فعليه يعلم تفصيلا ، وعلى كلا نحوي الترديد انه يقصر الصلاة حينئذ ، ويبقى الشك في انه إذا كان السفر حقا ومع ذلك كان بالنظر إلى عليته للاضطرار إلى الوقوع في المحرم بالذات ،

[1] وليس المراد من ذلك العلة التامة ، فإنه بالدقة فيما يلقى نفسه من الشاهق يوجد المعد ، والجاذبية الأرضية توجب سقوط وهلاكه .

123