نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 84
بلا إشكال . ناشئ من أن الوجه قد يكون أبيض بخلقته ، أو قد يكون رطباً ، فتعكس ذرات الماء الذي عليه نوراً في النهار ، فيجده الناظر لطيفاً . أو أنَّ مجرد رطوبة الوجه تجعله ألطف . أو أن ليونة لحم الوجه ورطوبته ، بمعنى من المعاني المجازية ، دعي إلى هذا الاستعمال . ومن هنا تمّ استعمال ماء الوجه في غضارة الشباب وحسنه . ومنه انتقل الاستعمال إلى المعنى الثاني . لأنهم وجدوا من خلال المعنى الأول أنَّ الوجه المحتوي على ( الماء ) يكون أفضل حالًا من الوجه الذي لا ماء فيه . فاشتقوا ذلك إلى العزَّة والذلة الاجتماعية . فقالوا في العزيز اجتماعياً : إنَّ ماء وجهه محفوظ ، وفي الذليل : إنَّ ماء وجهه ساقط . والعياذ با لله . لأنَّ العزة والذلة أول ما تبدو على الوجه ، كما هو معلوم . والعزَّة هي الجانب الأفضل والأقوى ، فمثَّلوها بالجانب الأفضل من المعنى الأول ، فاستعملوا ماء الوجه فيه . ونلاحظ أنَّ استعمال ماء الوجه في هذا الوجه أوسع من الوجه الأول . فإنَّ انعدام ماء الوجه في الوجه الأول ، مسكوت عنه لغة ، في حين أنَّ انعدامه بالمعنى الثاني يلتفتون إليه ويعبِّرون عنه بالسقوط والإراقة : أراق ماء وجهه ، وهو ساقط . ونحو ذلك . ومن نقاط قوته أيضاً : إننا لا نحتاج فيه إلى السؤال عن استعمال الوجه بالخصوص . لأنَّ ظهور العزة والذلة إنما تبدو في الوجه بخلاف المعنى الأول . فإنَّ غضارة الشباب موجودة في كلِّ البدن . فلما ذا اختير الوجه بالتعيين مع وضوح عدم صحة إضافته لأيِّ جزء آخر غير الوجه ؟ تأمل تعرف . كما نلاحظ أنَّ الاستعمال المجازي بدأ بالمعنى الأول ثم انتقل إلى الثاني . من باب سبك المجاز بالمجاز . يعني الانتقال من معنى مجازي إلى آخر بقرينة أو فذلكة مجازية ثانية . هذا ، ولا يبعد أن يكون هذا الاستعمال واسعاً في اللغة ، إلى حدٍّ لا يحتاج إلى قرينة . فالتسليم بكونه حقيقة غير بعيد . وهو الموافق مع ظاهر كلام اللغويين . إلَّا أن نقطة الضعف الرئيسية في ذلك هي انعدام الماهية المشتركة بين ماء الوجه والماء المطلق . ولا يمكن أن تستعمل ما ذكرناه من العلاقات المجازية كوسيط في ذلك . لغرض الاستغناء عنها عند الاستعمال الحقيقي . ومعه فلا بدَّ من اتخاذ إحدى خطوتين
84
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 84