نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 54
بالنسبة إلى المعنى الحقيقي . وقد أراد الفقهاء من ذلك أنَّ الأصل في الطهارة هو الطهارة الماديَّة ، وقد تسرّب استعمالها إلى إشكال الطهارة المعنوية بالمجاز ، ثم حصل التوسّع إلى أن انتقل الأمر إلى الحقيقة ، ولعلهم يشكَّكون في هذا الانتقال أيضاً . إذن سيكون استعمال الطهارة في المعنوية منها مجازاً أو أقرب للمجاز . فمن الطريف أن نفهم أن أغلب تلك المعاني العشرة إنَّما هي من الطهارة المعنوية ، بل كلها على ما سوف نقول ، وقد برهنا بالأصل والتبادر على أنها كلَّها استعمالات حقيقية . والمورد الوحيد الذي من قبيل الطهارة الماديّة هو ما استدركناه على اللغويين قبل قليل . وقد عرفنا أنه غير موجود في كلامهم . وإذا حصل لدينا أنَّ الطهارة هي النزاهة من الدنس ، أمكننا أن نجد لها مصاديق أخرى ، غير ما قاله الفقهاء واللغويون معاً ، وتشترك كلَّها بنحو الاشتراك المعنوي تحت ذاك المعنى الجامع . وتنقسم الطهارة إلى أصناف متعدِّدة ، بانقسام الدنس الذي ترفعه وتقوم بالتنزيه عنه . وهذه الأصناف للأدناس وإن اختلفت في الحقيقة ، إلَّا أنها ذات فهم معنوي واحد ، ما دام الشعور بالدنس مشترك بينها جميعاً . على أن اختلاف الدنس في الحقائق ، لا يعني اختلاف الطهارة في الحقيقة ، لأنها تعني معنى واحداً ، وهو ارتفاع الدنس مهما كان جنسه . سواء فهمنا منها معنى عدميّاً وهو ارتفاع الدنس وانعدامه ، أو معنى وجوديّاً حاصلًا بعد ذلك الانعدام . وهو الصحيح الموافق للارتكاز العرفي والعقلي معاً . فإنَّ النزاهة والنظافة ذات معنى مفهوم قائم بذاته ، غير أنه حاصل بسبب زوال الدنس وانعدامه . ومعه فالأصناف المتعدِّدة للطهارة ، كما عبّرنا ، لا تعني اختلاف هذه الأصناف في الجنس والحقيقة ، وإنما هي تقسيمات جانبية مندرجة تحت حقيقة ومفهوم وجودي واحد ، وهو النظافة والنزاهة . ولعلنا نستطيع أن نقسم الطهارة إلى ثلاث تقسيمات رئيسية . سنجد أنَّ بعضها ينقسم إلى انقسامات أخرى
54
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 54