responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر    جلد : 1  صفحه : 43


أما الأمر الأول فهو متعذر الإدراك وحده ، لوضوح تعذر الاطلاع على الواقع الموضوعي مباشرة ، أو عن طريق علم الله - عزّ وعلا . وإنما هناك طريقان لإدراك هذا الواقع : أحدهما : العقل الذي عرفنا قصوره . والآخر هو الشريعة .
ومن هنا نعرف أنه لا تنافي بين تعريف العدل : بأنه وضع الشيء في موضعه المناسب له . وبين تعريفه : بأنه موافق للعقل العملي أو أنه موافق للشريعة . لأن هذين الأمرين الآخرين : أعني العقل والشريعة ، إنما يدلان على أنَّ الفرد قد وضع الشيء في موضعه المناسب له . غير أن العقل لما كان ضيِّقاً ، كان المرجع الرئيسي في تمييز ذلك هو الشريعة . كما لا تنافي بين حكم العقل والشريعة ، لأننا إن بنينا على القاعدة القائلة : ما حكم به العقل حكم به الشرع . فالأمر يكون واضحاً ، لأنَّ الشرع بنفسه يكون محتوياً على كل أحكام العقل وزيادة . وهذه الزيادات تخص الموارد التي عجز العقل عن إدراكها . وإذ لم نبن على تلك القاعدة أمكننا الالتفات إلى قاعدة أخرى متسالم على صحتها بين علماء المسلمين بمختلف مذاهبهم ، وهي قولهم : ما من واقعة إلَّا ولها حكم . إذ ينتج منها : أنَّ حكم الشرع شامل لكل موارد حكم العقل سواء وافقه فيها أو خالفه . غير أنَّ الوجدان الضروري قاض بأننا لم نجد أي اختلاف بين حكمي العقل والشرع . وحتى لو فرضت المخالفة ، فإنَّ مولانا الذي يجب علينا إطاعته هو الشريعة أو قل : صاحب الشريعة ، وليس مولانا هو العقل . إذن ، فالمهم في تمييز العدل إنما هي ، الشريعة بالذات . وهذا هو الذي يفسر قول اللغويين في تعريف العدل : بأنه الحكم بالحق . يعني بالشريعة .
وحيث أننا متأخرون عن صدر الإسلام ، وغير معاصرين لصاحب الشريعة ، فإنما تكون الشريعة بالنسبة إلينا ما قامت عليه الحجَّة من التكاليف والأحكام . كل ما في الأمر أنَّ الطرق المثبتة لهذه الحجة ذات أشكال ومستويات مختلفة لا حاجة الآن إلى تعدادها .
فالمهم في العدل ، هو تطبيق الحكم الشرعي الذي قامت الحجة على صحته . وهذا هو الفهم الذي حامت الروايات حوله . وإذا وصلنا إلى هذا

43

نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست