نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 374
ثالثا : أنه من الناحية الفقهية ، لو قصد الفرد من سبيل الله سبحانه : سبيل الناس . وكأنه يتعبد في سبيل الناس فتكون عباداته باطلة لا محالة . ولا أرى أن السيد المؤلف قدس سرّه يرضى بهذه النتيجة . رابعا : أن قوله تعالى * ( فِي سَبِيلِ الله والْمُسْتَضْعَفِينَ ) * إلخ . لو كان المراد به تعدد المقصود لكان من الشرك الخفي بل هو من درجات الشرك الصريح . وإنما ذكر المستضعفون في الآية الكريمة لأمرين يمكن إداركهما : 1 - إن الله سبحانه وتعالى أخذهم بنظر الاعتبار ، واعتنى بمصالحهم . كما هو الحال في سائر الشريعة . 2 - أنه سبحانه يريد أن يعطي باليد - لو صحّ التعبير - المصلحة الدنيوية لهذا التشريع . فالعمل إنما يكون في سبيل الله سبحانه . إلَّا أن مصالحه الدنيوية تعود على المستضعفين . الأمر الذي قد يجعل الفرد الاعتيادي يهتم أكثر بمصالحهم ، لأنها في النتيجة قد تعود إلى مصلحته . خامسا : أنه قد يراد من الآية تربية المستضعفين تربية دينية وتكاملية ، وليس إعطاؤهم مزيدا من المال أو تمكينهم من مزيد من فرض العمل . ويؤيد ذلك : تفسير المستضعفين بأنهم الناس الذين اقتضت تربيتهم وظروفهم الاجتماعية : الجهل الديني والابتعاد عن الشريعة ، فيكون من الراجح العمل على تربيتهم لا محالة ، من الناحية الدينية . وإذا تمّ هذا الفهم ، كانت تربيتهم في سبيل الله تماما . لأنه نفع كمالي للفرد نفسه ونفع كمالي لهم أيضا ، الأمر الذي يقتضي توجههم كلهم إلى الله سبحانه بالمقام المعنوي ، كل على مستواه . ولا أقل من احتمال هذا الفهم ، الأمر الذي يدفع فهم السيد المؤلف ، لأنه إذا دخل الاحتمال بطل الاستدلال . وقد يخطر في الذهن : أن الآية تقول * ( وما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله والْمُسْتَضْعَفِينَ ) * . فالأمر إنما هو القتال وهذا يبعد الفهم الذي قلناه قبل قليل . وجوابه : من عدة وجوه أهمها : أولا : إن القتال في الإسلام ليس للسيطرة والشهرة ونحوها ، وإنما هو
374
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 374