نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 268
فلو كان مصليين متباعدين مئة كيلو متر مثلا ، لشكل توجههما نحو الكعبة مثلثا حاد الزاوية ، لو كان توجههما دقيقا نسبيا . وقد يستشكل : أن هذا الاستدلال ينتج ضد المطلوب ، لأنه ينتج وجوب الدقة في الاستقبال إلى مركز الدائرة ، وليس التسامح . وجواب ذلك : أن هذا الإشكال بالدقة وإن كان صحيحا إلَّا أننا يمكن أن نفهم من الأدلة الشرعية أن المركز واسع إلى حد الكفاية [1] . وليس المركز كنقطة هندسية صغيرة . ومع اتساع المركز يتسع التوجّه بطبيعة الحال . على أنه يمكن أن يقال أيضا : إن اتساع الدرجة بالبعد يعطي فكرة عن اتساع جهة التوجّه بالفهم العرفي . غير أن هذا الجواب يرجع بنا إلى الحاجة إلى ضم الوجه الثاني ، كما أن الفكرة الأسبق منه ، ترجع بنا إلى الحاجة إلى الوجه الخامس الآتي . فلا يكون وجها مستقلا . الوجه الرابع : الروايات الدالة على ما بين المشرق والمغرب كله قبلة ، وقد سمعنا نموذجا منه . إلَّا أنه يتوقف على تماميتها سندا ودلالة وهو غير بعيد . وهي تعين القبلة في وجه واسع جدا ، قلما يفتي به الفقهاء ، فتكون المقادير الكبيرة من الانحراف عن القبلة ، مما يكون محلا لإعراض الفقهاء عن هذا الدليل ، فلا يكون حجة ، بهذا المقدار . ولو تمت أمكن الفهم الموسع منها . فمن كانت قبلته إلى الجنوب التقريبي كفى توجّهه إلى ما بين المشرق والمغرب . ومن كانت قبلته إلى الشرق كفى توجهه إلى ما بين الشمال والجنوب وهكذا . الوجه الخامس : التمسك بالأدلة الآتية المروية عن المعصومين سلام الله عليهم ، في تعيين سمت القبلة للجاهل بها كالاعتماد على الجدي أو