نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 214
ولأبي بكر الخالدي في وصف الجو وإدبار الليل وإقبال الفجر يقول [1] : < شعر > والجو يسحب من عليل هوائه ثوبا يجود بظلَّه المترقرق حق رأينا الليل قوس ظهره هرما وأثر فيه شيب المفرق وكأن ضوء الفجر في باقي الدجى سيف حادة من اللجين المحرق < / شعر > فهو يمثل ضوء الفجر بالشيب وريحه الطيِّبة بالهواء العليل وحمرته التي تحدث بعد ذلك بالذهب : اللجين . ومحل الشاهد من هذه الأشعار هو الاستشعار بأن نسمة الفجر أمر سائر بين عدد من الناس . وإن أنكره الآخرون . وقد يخطر في الذهن : أنَّ هذا لو كان أمرا واقعيّا ، لذكر في الروايات ، وحيث لم يذكر ، إذن يدل على عدم واقعيته . وجوابه : أنَّ الأئمة المعصومين - عليهم السَّلام - ، حوّلونا على الجهة الواقعية للفجر ، أعني الفجر بالمعنى التكويني في خلقة الله سبحانه . وليس ذلك إلَّا الضوء . وكذلك فعل القرآن الكريم حين قال * ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) * . وهذه الجهة الواقعية كافية تماما لحسم الأمر . كل ما في الموضوع قد يكون لبعض الأشياء علامات عند وقوعها ، فمن عرف علامة وقوع الفجر أمكنه العمل عليها . والحجة الفقهية في ذلك هي الوقوف أو الاطمئنان بحصول الفجر عند حصول علامته . وهو ما يحصل فعلا عند من يتبيّنها . والآن بقي علينا أن نعرف استمرار ونهاية وقت الصلاة ، بعد أن عرفنا أول وقتها . فإن هذا الوقت يسمى ما بين الطلوعين ، يعني طلوع الفجر وطلوع الشمس . وفي بعض الروايات أنها ساعة ليست من الليل ولا من النهار . إلَّا أنها من الناحية الفقهيّة المستفادة من السُّنَّة الشريفة أنها من النهار وليست من الليل ، لأن وجوب الصوم يبدأ من الفجر ، والصوم إنما يكون في النهار ، ولا يجوز إلحاق أي جزء من الليل به . وفي القرآن الكريم سمعنا وصفه بالصبح في قوله تعالى * ( والصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ) * . ولا يترتب أي أثر فقهي على أنها من