نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 213
الاطلاع على الأفق ، فيمنع من التعرّف على الفجر في أول حصوله ، ممَّا يستوجب الانتظار حتى يظهر فوق هذا المستوي ، وهو خلاف المفروض عند التحقيق . نعم ، بالنسبة إلى الموانع الموقتة التي قد تحدث في بعض الليالي وتزول ، كالسحاب ، وضوء القمر ، فإنه يمكن أن يقاس الفجر على الليالي السابقة بالساعة ، فيزداد وينقص بدقيقة أو دقيقة ونصف لكل ليلة حسب أي وقت في السنة . إذن ، فالطريقة الاعتيادية المضمونة لمعرفة الفجر ، هي رؤية ضوئه . ما لم تحصل بعض الموانع . ولكن يقول عدد من المؤذنين الثقات وبعض العلماء : إنه تهب عند الفجر ريح خفيفة ذات رائحة طيِّبة يعرفون بها بزوغه . وهو أمر لا تمنعه شيء من تلك الموانع على الإطلاق . ويستعلون على قولهم هذا بقوله تعالى * ( والصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ) * . فإنَّ الضوء بمجرده لا يحسن وصفه بالنفس . وإنما النفس من قسم الريح المتحركة الضعيفة نسبيّا . فكذلك الحال في الفجر . وكذلك بالنسبة إلى الرائحة الزكية . لأن النفس ينقل ما في الفم من الروائح إلى الخارج ، وهي أحيانا قد تكون جيِّدة ، كمن يعلك علكا ونحوه . فكذلك الحال في الفجر . فالآية الكريمة كالنص في ذلك . وإن ناقش بها ( من لا يؤمن بها ) . وإليه يشير الشاعر ، وهو ابن أحمد الكندي السّري في وصفه للفجر حين يقول [1] : < شعر > وركائب يخرجن من غلس الدجى مثل السهام مرقن منه مروقا والفجر مصقول الرداء كأنه جلباب خود أشربته خلوقا < / شعر > والخود : المرأة الحسنة الخلق الشابة ، والخلوق ضرب من الطيب المائع . فهو يمثل بياض الفجر بالجلباب ، كما سمعنا تمثيلية في الروايات بالقباطي البيضاء . ويمثل ريحه الطيبة بالخلوق .
[1] أنظر : جواهر الأدب . للسيد أحمد الهاشمي . ج 2 . ص 373 .
213
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 213