نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 20
فالاتِّجاه في التعريف الأول يتضمن العمل على استنتاج الأحكام . فكل مسألة عمل الفرد على استنتاج حكمها فقد اجتهد فيها . وهذا هو الأقرب إلى المفهوم اللغوي الذي عرفناه . وهو الذي يراه سيدنا الأستاذ دام ظلَّه [1] . والاتِّجاه في التعريف الثاني : يتضمن الجانب الداخلي العقلي للفرد . فإن كانت الملكة حاصلة له فهو مجتهد وإلَّا فلا . والمراد بالملكة عادة تلك الصفة النفسية غير القابلة للزوال عادة ، والتي تكون مصدراً وسبباً لعدد من تصرفات الفرد واستنتاجاته . فالفرد قد يحلم عند الغضب مرة أو عدَّة مرات . ولكنه إذا كان معتاداً على ذلك قيل : إنَّ لديه ملكة الحلم . نظراً إلى أنه من الصعب زوال هذه الصفة عنه في مستقبل عمره . وهكذا . ونقطة القوة الرئيسية في الاتِّجاه الأول هو موافقته لأقوال اللغويين . إلَّا أننا في الفقه لا نريد التعرّف على أيِّ فرد بذل وسعة في معرفة الأحكام الشرعية ، بل الفرد الذي يجوز تقليده بالنسبة إلى سائر الناس ، وهو الذي يكون قوله حجة شرعيَّة بين الله سبحانه وبين عباده ويمكنه أن يتَّخذ منصب القضاء ونحو ذلك . فإننا إن أردنا مجرّد بذل الوسع والطاقة ، أمكن الإشكال من عدَّة نواحٍ : أولًا : أنَّ الفرد بمجرد بدية بالحصول على العلوم الدينية التي تؤهله أخيراً للتعرّف على الأحكام ، هو فعلًا باذل وسعة وطاقته في سبيل هذه الغاية وإن كان مبتدئاً ، فهو مجتهد بهذا المعنى . الثاني : أنَّ أي فردٍ اعتياديِّ متشرعٍ يمكنه أن يستنتج بعض الأحكام في بعض المسائل الفقهية الواضحة . فهو يبذل وسعه في الكتاب والسُّنَّة ويستنتج الحكم . وقد يكون حكمه صحيحاً فعلًا ومطابقاً للواقع أو للحجَّة . فهو مجتهد بهذا المعنى وإن كان متجزياً . الثالث : إننا إذا أخذنا بالمفهوم اللغوي للاجتهاد ، أي بذل الوسع والطاقة ، لم يكن من الضروري بل لم يكن من الممكن ، إضافة القيد الآخر ، وهو كونه من الأدلة التفصيلية . فإنَّ مصدر هذا القيد لا يكون واضحاً ، فإنَّه إن
[1] هو آية اللَّه العظمى الموسوي الخويي دام ظلَّه . كما هو المستفاد من بعض كتبه الفقهية .
20
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 20