نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 178
الآية الأخرى * ( ولا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) * . وبعد التجاوز عن المسائل الفقهية نتساءل عن قوله تعالى * ( إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ) * . ما معناه بعد التسلم على أن قوله * ( فَاطَّهَّرُوا ) * وقوله * ( تَغْتَسِلُوا ) * بمعنى واحد عمليّا . كل ما في الأمر أن الغسل هو العمل الظاهري بتفاصيله . والطهارة هو الأثر الناتج منه ، كما قلنا في فصل الطهارة . وعلى كلّ تقدير قول الآية الكريمة على حرمة الدخول في الصلاة على المجنب ما لم يرفع جنابته بالغسل . وهو معنى مانعية الجنابة وشرطية الطهارة . فلما ذا استثني عبور السبيل من وجوب غسل الجنابة ، وكيف ؟ عبور السبيل هو المشي فيه ، على معنى أنه يعبر من محل خروجه إلى محل وصوله بواسطة الطريق الذي يقطعه أو يمشي فيه . وعبور السبيل ، يكون على نحوين ، يختلفان باختلاف السبل أو الطرق التي يحتاج إليها الفرد . النحو الأول : الطرق القصيرة ، كالتي تكون داخل مدينة واحدة والمهم فيها شرعا أنها لا تنافي أوقات الصلاة . بل من الممكن أن يصل المكلف إلى هدفه ويصلي فيه وإن كان جنبا فإنه يغتسل ويصلي . فلا حاجة إلى استثنائه لأنه ليس فيه أي كلفة أو صعوبة . وحتى لو كان مقصودا من الآية ، فإنه سيعني أنه لا يجب إيجاد غسل الجنابة في الطريق بل في محل الاستقرار لا محالة . وهذا معنى عرفي مفهوم شرعا . لا يستثني من ذلك إلَّا حال ضيق الوقت ، وهو في الطريق وتمكن من استعمال الماء فيجب عليه المباشرة بالغسل . والاستثناء في الآية وارد مورد الغالب . النحو الثاني : الطرق الطويلة . التي يكون قطعها سفرا . وخاصة في الأسفار القديمة التي كان التعب فيها شديدا أو الماء فيها شحيحا . وفي مثل ذلك لا يجب الغسل ، أعني إذا فقد الماء في السفر أو كان محل ضرورة استعماله ، ويقود الوظيفة الشرعية إلى التيمم المنصوص عليه بعد سطر في نفس الآية الكريمة .
178
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 178