نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 175
وينبغي التسليم ، بأنَّ كلا الاحتمالين ، لا يخلو من صعوبة لغوية ، هما : العطف على البعيد لفظيّا أو العطف على المحل ، وكلا هما لا يصار إليه بسهولة . الأمر الذي يعين ترجيح القراءة بالجر دون النصب لأنه عندئذ يكون معطوفا على الفظ الملاصق صق له عطفا اعتياديا . وعلى تقدير النصب ، فلإنصاف أنَّ الاحتمال الثاني ، وهو العطف على المحل أرجح من الاحتمال الأول . وذلك : لتخلل ألفاظ كثيرة بين المعطوف والمعطوف عليه وخاصة وجود الفعل . والفاعل * ( وامْسَحُوا ) * الذي يمثل نحويّا جملة متكاملة ، يصح السكوت عليها . فهذا العطف يجعلنا نعطف لفظا من جملة على لفظ من جملة أخرى . أو قل : تعطف لفظا في نهاية إحدى الجملتين على لفظ في بداية الجملة المتقدمة . وهو معنى رديء وإذا لم يكن رديئا فهو خلاف الظاهر جدا . ومعه فإذا أخذنا بالاحتمال الثاني ، نكون قد أخذنا بأظهر الاحتمالين . طبقا لحجية الظهور المعتبرة شرعا . ومعه يكون على كلا التقديرين : أعني قرائتي الجر والنصب ، يكون العطف على قوله * ( بِرُؤُسِكُمْ ) * . غاية الأمر أنه لو كان مجرورا فهو معطوف على اللفظ ولو كان منصوبا فهو معطوف على المحل . فيكون مشمولا لحكمه وهو وجوب المسح . الجهة الثالثة : قوله سبحانه * ( إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) * . قالوا في اللغة [1] : واختلف الناس في الكعبين بانصب . والكعب : العظم لكل ذي أربع . والكعب : كل مفصل للعظام . وكعب الإنسان ما أشرف فوق رسغه عند قدمه . وقيل : هو العظم الناشز فوق قدمه . وقيل : هو العظم الناشز عند ملتقى الساق والقد . وأنكر الأصمعي قول الناس أنه في ظهر القدم . وذهب قوم إلى أنهما العظمان اللذان في ظهر القدم . وقيل : الكعبان من الإنسان العظمان الناشزان من جانبي القدم . قال ابن الأثير : الكعبان العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم عن الجنبين .