نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 172
لتضمينها معنى من . وقد يمثل لها بقولنا : أخذت بفلان أو أمسكت به . يعني ببعضه وهو يده . وقوله تعالى * ( لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولا بِرَأْسِي ) * يعني ببعضها ، لا جميعها بطبيعة الحال . وقوله سبحانه * ( بِرُؤُسِكُمْ ) * . جار في هذا الطريق . غير أنَّ المنحى ( الرسمي ) للغويين ينفي ورود الباء للتبعيض . قال ابن جني [1] : أمَّا ما يحكيه أصحاب الشافعي من أنَّ الباء التبعيض فشئ لا يعرفه أصحابنا ولا ورد فيه بيت . ونقل عن سيبويه أنه أنكر مجيء الباء بمعنى التبعيض . وعليه استند [2] العلامة ( الحلي قده ) في إنكاره ذلك ، كما حكي [3] . الوجه الثاني : أن تكون الباء زائدة ، ويكون التبعيض مستفادا من السياق . وذلك بأحد تقريبين : التقريب الأول : إنَّ المفهوم لغة وعرفا من مفهوم مسح الرأس هو مسح بعضه لا مسحه كله . إذ لو كان قد أمر بالغسل ، لأمكن فيه ذلك عرفا ، أعني الاستيعاب . وأمَّا المسح فيبعد عرفا وعمليّا استيعابه لكل الرأس . فتكون الآية بنفسها دالَّة على مسح البعض . التقريب الثاني : إنَّ الباء وإن كانت زائدة ، إلَّا أنَّ لإزادتها مصلحة وليس ذلك عبثا في القرآن الكريم . وليس ذلك إلَّا لإفادة التبعيض . إذ لا نتصور غير ذلك إذا فهمنا أنَّ الرأس هو الممسوح - كما هو المفروض - لا أنه هو الماسح ، كما سيأتي . الوجه الثالث : أن يكون التبعيض مستفادا من تغيير السياق . مهما كان معنى الباء في ذاتها . فاستعمالها هنا وإن فرض مجازيّا ، إلَّا أنَّ الاستفادة لتبعيض واضح من أجل تغيير السياق . وأعني بتغيير السياق ، ما أشير إليه في صحيحة زرارة السابقة ومضمونه أنَّ الله سبحانه وتعالى استعمل الباء هنا ولم يستعملها في الوجه واليدين ،
[1] أنظر لسان العرب . مادة ( با ) . [2] التنقيح : ج 4 . ص 141 . [3] غير أنه يمكن أن يقال : إنّ مجيء الباء بمعنى من مسلم لغة . ومن تكون للتبعيض بلا شك . فلتكن الباء في الآية الكريمة تبعيضية بهذا المعنى .
172
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 172