نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 171
إسم الكتاب : ما وراء الفقه ( عدد الصفحات : 462)
وإنما نتعرض فيما يلي إلى جهات معينة مختارة ، من هاتين الآيتين الكريمتين . الجهة الأولى : قوله تعالى * ( وامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) * . دلت هذه الآية الكريمة على مسح بعض الرأس دون جميعه . باعتبار وجود الباء الجارة فيها . وقد ورد ذلك في السنة بشكل واضح حيث روى زرارة [1] في الصحيح قال : قلت لأبي جعفر - عليه السَّلام - : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إنَّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين ؟ . فضحك فقال : يا زرارة قاله رسول الله - صلَّى الله عليه وآله - ونزل به الكتاب من الله - عزّ وجلّ . لأنَّ الله - عزّ وجلّ - قال * ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) * . فعرفنا أنَّ الوجه كلَّه ينبغي أن يغسل . ثم قال : وأيديكم إلى المرافق . فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه . فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين . ثم فصل بين الكلام ، فقال * ( وامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) * . فعرفنا حين قال : برؤوسكم أنَّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء . ثم وصل الرجلين بالرأس ، كما وصل اليدين بالوجه فقال * ( وأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) * فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنَّ المسح على بعضما . ثم فسّر ذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وآله - للناس فضيّعوه . وهي واضحة في فهم الآية الكريمة ، غير أنَّ السيِّد الأستاذ يشير إلى أنها خالية عن تعيين المحل الممسوح من الرأس . فلا بدّ في تعيينه من الرجوع إلى أدلة أخرى . أقول : كما أنها لا تعيّن العضو الماسح أيضا ، فلا بدّ من الرجوع فيه إلى أدلة أخرى . غير أنَّ الجهة الأدبية أو البلاغية فيها وهو فهم التبعيض لطيف جدا . والأمور المشار إليها فقهيّة لا مجال لها هنا . والمهم الآن أن نلتمس طريقة فهم التبعيض من الآية الكريمة . فإن فيها عدة محتملات أو وجوه : الوجه الأول : إن الباء مستعملة في التبعيض : إمَّا لذاتها ، وإمَّا
[1] الوسائل ج 1 . أبواب الوضوء . باب : 23 . حديث : 1 .
171
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 171