نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 126
كلّ ضرورة ، كان ما قاله لا يخلوا من وجه ، لأن حق لفظ التقية التأخير بصفته خبرا ، ولكنه - عليه السَّلام - قدمه فيفيد الحصر . إلَّا أنَّ ذلك ، على أنه خلاف الظاهر ، فهو ممَّا لا يحتمل في القواعد العربية ، فإن قوله : في كلّ ضرورة جار ومجرور ومضاف إليه ، فكيف أصبح بمنزلة المسند أو المتبدإ . وإنما الظاهر أنَّ التقية هي المسند أو المبتدأ ، بصفتها واقعة في أول الكلام . وتقديرها النحوي : التقية كائنة أو متحقِّقة في كلّ ضرورة . فانتفى الحصر . لكن يبقى التساؤل عن المغزى أو الهدف من بيان هذه الجملة . وما هو الأظهر من ذلك هو أن يكون المراد تعميم حكم التقية لكل ضرورة . لأن المشهور عند المتشرعة كما هو المشهور عند الفقهاء ، هو أن التقية خاصّة بعلاقة أهل المذاهب الإسلامية . ومعه تكون التقية أخص من الضرورة . ولكن يراد هنا تعميم مفهوم التقية لكل ضرورة سواء حصلت بسبب الاختلاف في المذهب أو أي اختلاف آخر . كما يمكن أن يراد من ذلك إعطاء الضرورة حكم التقية ، فإنهما قد يختلفان في مقتضاهما كما هو واضح . إلَّا أنه مع ذلك ، فإن مقتضى الضرورة هو العمل بحكم التقية ، أي تطبيق هذا المقتضى كما يجب تطبيق مقتضى التقية . ومن آثار ذلك أنَّ المكلف لو تحمّل الضرورة وصبر عليها وجاء بالشرط الواقعي ، تقع العبادة منه باطلة . هذا ولكن قد يتمسك كما تمسك السيد الأستاذ ، بالروايات الواردة عن المعصومين في الحث والترغيب في الصلاة معهم ، وفي عشائرهم وفي مساجدهم . بل في بعضها أن الصلاة معهم في الصف الأول كالصلاة خلف رسول الله - صلَّى الله عليه وآله . قال [1] : فإن مقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين صورة التمكن من الإتيان بالوظيفة الواقعية إلى آخر الوقت وصورة عدم التمكن . بل ظاهر أمرهم - عليهم السَّلام . أن تكون الصلاة معهم وفي صفوفهم بالقدرة والاختيار ، لا خصوص ما إذا كانت لأجل الضرورة والاضطرار . إلَّا أن هذا ليس بصحيح على إطلاقه . فإن متعلق التقية هنا أمران مختلفان .