حمل الأمر بالغسل على الاستحباب وحسن التنزّه عنهم ، وقد أشرنا أنّ الغالب على أبدانهم عدم خلوّها عن النجاسة العرضيّة ، فلا يستفاد من ذلك أيضا نجاسة أبدانهم من حيث هي هي كما لا يخفى . ومنها صحيح هارون بن خارجة قال : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام : إنّي أخالط المجوس فآكل من طعامهم ؟ فقال : لا [1] . تقريب الدلالة : أنّ النهي عن الأكل من طعامهم يدلّ على أنّ ذلك بلحاظ مباشرتهم إيّاه بالطبع ، فيستفاد نجاستهم . وفيه : أنّه من القريب جدّا أن يكون النهي عن أكل طعامهم لعدم اجتنابهم عن الخمر ، والخنزير وغيرهما من النجاسات . مع أنّه لم تفرض الرطوبة في النهي عن الأكل من طعامهم فلعلّ النهي عنها - خصوصا بلحاظ النهي عن مخالطتهم - كراهة الاختلاط معهم ، واستحباب التنزّه عنهم لا لنجاستهم الذاتيّة . ومنها خبر زرارة عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام في آنية المجوس قال : إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء [2] . تقريب الدلالة : إنّ الظاهر من أمره عليه السّلام بغسل آنية المجوسيّ بالماء عند الاحتياج إليها ، إرشاد إلى نجاستها وظاهره الاجتناب عن الآنية المضافة إليهم المستعملة لديهم بمباشرتهم إياها . وفيه أنّه كما أفيد : لا يدلّ ذلك على نجاستهم الذاتيّة كما لا يخفى ، لأنّه من القريب
[1] الوسائل باب 14 من أبواب النجاسات : ح 7 . [2] الوسائل باب 14 من أبواب النجاسات : ح 12 .