قباله تعالى معبودا ، وربّا ومطاعا شرك ، كما أنّ اتّخاذ الشريك له تعالى في ذاته ، وجعل الابن والأنداد ، والأمثال له تعالى شرك . وبالجملة جعل في الكتاب العزيز أهل الكتاب من المشركين تنزيلا ، فيدخلوا في موضوع المشرك المحكوم بالنجاسة ، فيحكم بنجاستهم . ولكن يمكن أن يقال : إنّ إطلاق المشرك على أهل الكتاب ليس على وجه الحقيقة ، بل على نحو العناية بلحاظ بعض الاعتبارات كإطلاقه على المرائي ومن أطاع الشيطان أو رجلا في معصية اللَّه وقد أطلق المشرك في الكتاب العزيز على هؤلاء ، - كما يتلى عليك - ولا يصحّ الحكم بنجاستهم ، فالمراد بالمشرك المحكوم بنجاسته هو المرتبة الخاصّة منه وهو ما يقابل أهل الكتاب . وإن شئت قلت : ذكر مزعمة اليهود في العزير ، والنصارى في المسيح ملحوقة باتّخاذ الأحبار ، والرهبان أربابا من دون اللَّه تعالى ، والمراد باتّخاذهم أربابا ليس ما هو الظاهر منها ، لعدم قولهم بألوهيتهم ، بل المراد أنّهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم كما تشهد لذلك جملة من الأخبار . فعن الكافي عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللَّه عليه السّلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ : * ( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ الله ) * [1] فقال : أما واللَّه ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم لما أجابوهم ، ولكن أحلَّوا لهم حراما وحرّموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون [2] . وعن تفسير العيّاشيّ عنه عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام في قول اللَّه تعالى :
[1] التوبة : 31 . [2] تفسير نور الثقلين : ج 2 / 209 .