إسم الكتاب : لب اللباب في طهارة أهل الكتاب ( عدد الصفحات : 123)
الشرك بما هو شرك ، وبما أنّ أهل الكتاب قسم من المشركين ، فيدخلون في موضوع الشرك المحكوم بالنجاسة . وأمّا كون أهل الكتاب قسما من المشركين فلقوله تعالى حكاية عن اليهود والنصارى * ( قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ الله وقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ الله ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ . اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ الله والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِله إِلَّا هُوَ سُبْحانَه عَمَّا يُشْرِكُونَ ) * [1] . فجعل اليهود والنصارى من المشركين تنزيلا فيدخلوا في موضوع المشرك المحكوم بالنجاسة في الآية المتقدّمة فيحكم بنجاستهم . أضف إلى ذلك قوله تعالى لعيسى على نبيّنا وآله وعليه السّلام * ( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ ) * [2] . كما يشهد لذلك أنّه لمّا نزل قوله تعالى * ( إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ ) * [3] . قال ابن الزبعريّ على ما عن مناقب ابن شهرآشوب : أما واللَّه لو وجدته في مجلس لخصمته ، فسلوا محمّدا ، أكلّ ما يعبد من دون اللَّه في جهنّم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد عيسى ، فأخبر النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلَّم فقال : يا ويل أمّه ، أما علم أنّ ( ما ) لما لا يعقل و ( من ) لمن يعقل [4] . إلى غير ذلك من الآيات والأخبار الدّالة على كونهم مشركين ، فاتخاذ غير اللَّه في
[1] التوبة : 30 و 31 . [2] المائدة : 116 . [3] الأنبياء : 98 . [4] البحار : ج 18 / 200 ، وربما يحكي جريان مواجهة ابن الزبعري مع رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم بنحو آخر مذكور في كتب الفريقين لا يهمّنا التعرّض له ، من شاء فليراجع نور الثقلين ج 3 / 45 ، والدرّ المنثور ج 4 / 338 .