ومجرد إدخال النجس في المسجد وإن لم يكن حراما إذا لم يستلزم الهتك أو السراية ، فلعلّ النهي عن قرب المشركين للمسجد الحرام بلحاظ الهتك وأنّ دخولهم في المسجد هتك للمسجد ، أو للتجنّب عن سراية نجاستهم إلى المسجد ، لما يستلزم ذلك إذا تردّدوا إلى المسجد كما لا يخفى . الوجه الثاني : إنّ النّجس - بفتح الجيم - مصدر ولا يحمل على الذات ، ولا يصحّ اتّصاف الذات به إلَّا بتقدير - ذو - تصحيحا للحمل ، ويكفي في الإضافة أدنى ملابسة ولو من حيث النجاسة العرضيّة ، فيكون المعنى : إنّ المشركين ذووا نجس بلحاظ شربهم الخمر ، وأكلهم الخنزير ، وابتلائهم بسائر النجاسات ، وعدم معرفتهم كيفيّة التطهير إلى غير ذلك فلا يستفاد من الآية الشريفة نجاستهم الذاتيّة . وبالجملة غاية ما يستفاد من الآية الشريفة هي نجاستهم العرضيّة لا النجاسة الذاتيّة التي هي المطلوب . وردّ أولا : بأنّ عدم صحّة حمل المصدر على الذات حقيقة لا يقتضي حذف المضاف حتما لأنّه يمكن حمله عليها مبالغة - كزيد عدل - مبالغة في العدالة ، وهو وإن كان مجازا إلَّا أنّه أمر شائع بينهم أقرب من التقدير فيستفاد نجاستهم الذاتيّة ، ولا يشترط مطابقة المصدر للمحمول عليه من حيث التذكير والتأنيث ، والجمع والإفراد ، فيصحّ حمل النجس على المشركين - وإن كان جمعا - وتوهّم : إنّ النجس صفة مشبهة ، كحسن كما عن القاموس ، وهي ضد الطاهر ، ويصحّ حمله على الذات حقيقة من دون شائبة المجازيّة فيتمّ الاستدلال بها على المطلوب . مدفوع بأنّه : لو ثبت كونها صفة مشبّهة في غير مورد الآية الشريفة ، إلَّا أنّه لا