ويظهر من غير واحد من الأعلام والأفاضل المعاصرين القول بطهارة أهل الكتاب ولا يهمّنا التصريح بأسمائهم فلاحظ رسائلهم العمليّة . هذا موقف الأقوال في المسألة . إذا أحطت خبرا بما ذكرنا يظهر لك أنّ دعوى الإجماع على نجاسة أهل الكتاب غير ظاهر ، فضلا عن كونها أمرا بديهيّا ضروريّا عند فقهاء أهل البيت عليهم السّلام . وذلك لأنّه بعد ذهاب ثلَّة من الأصحاب من القدماء وجملة من المتأخرين إلى طهارتهم ، كيف يدّعى الإجماع على نجاستهم ؟ ! نعم ، اشتهار القول بنجاستهم ثابتة بلا إشكال . ولو سلَّم تحقّق الإجماع فلا يكاد ينفع ، لما نشير إليه قريبا أنّ الإجماع المذكور لو لم يكن مقطوع المدرك يكون مظنون المدرك وقد قرّر في محله عدم حجيّة الإجماع الكذائيّ . ومن القريب جدّا استناد الأصحاب في الإفتاء بنجاسة أهل الكتاب إلى قوله تعالى * ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) * [1] . والأخبار الواردة في الباب ، وسنتعرّض ما يتعلَّق بدلالتها على نجاستهم ودفعها فارتقب . ولك أن تتفطَّن ممّا ذكرنا أن وزان الحكم بطهارة أهل الكتاب مع اشتهار الفتوى بنجاستهم وزان الحكم بعدم انفعال ماء البئر ، واستحباب نزح المقدرات المقررة ، مع اشتهار القول بانفعال ماء البئر ، ووجوب نزح المقدرات بين القدماء عند وقوع شيء من النجاسات فيه ، بل ربما ادّعي قطعهم بذلك ، ومع ذلك ترى بعد مضيّ قرون فتويهم بعدم انفعال ماء البئر بملاقات النجس واستحباب نزح المقدرات إلى أنّ